البحث حول المهدي عجّل اللّه فرجه - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ٦٤
الكريم (1) على أنه مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، وقدر له من خلال الطوفان أن يبني العالم من جديد.
والآخر يمارس دوره في مستقبل البشرية وهو المهدي الذي مكث في قومه حتى الآن أكثر من ألف عام وسيقدر له في اليوم الموعود أن يبني العالم من جديد.
فلماذا نقبل نوح الذي ناهز ألف عام على أقل تقدير ولا نقبل المهدي؟ (2)

(١) في الآية المباركة: (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما) العنكبوت: ١٤.
(٢) السؤال موجه إلى المسلمين المؤمنين بالقرآن الكريم وبالحديث النبوي الشريف، وقد روى علماء السنة لغير نوح ما هو أكثر من ذلك. راجع تهذيب الأسماء واللغات / النووي ١: ١٧٦، ولا يصح أن يشكل أحد بأن ذاك أخبر به القرآن فالنص قطعي الثبوت، وهو يتعلق بالنبي المرسل نوح (عليه السلام)، أما هنا فليس لدينا نص قطعي، ولا الأمر متعلق بنبي.
والجواب: أن المهمة أولا واحدة، وهي تغيير الظلم والفساد، وأن الوظيفة كما أوكلت إلى النبي، فقد أوكلت هنا إلى من اختاره الله تعالى أيضا كما هو لسان الروايات الصحيحة. قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم): " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا... " التاج الجامع للأصول 5: 343.
وأما من جهة قطعية النص، فأحاديث المهدي بلغت حد التواتر، وهو موجب للقطع والعلم، فلا فرق في المقامين. راجع: التاج الجامع للأصول 5: 341 و 360 فقد نقل التواتر عن الشوكاني، وانتهى المحققون من علماء الفريقين إلى القول بأن من كفر بالمهدي فقد كفر بالرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وليس ذلك إلا بلحاظ أنه ثبت بالتواتر، وأنه من ضرورات الدين، والمنكر لذلك كافر إجماعا. وراجع: الإشاعة لأشراط الساعة / البرزنجي في بحثه حول المهدي.
وقد نقلنا حكاية التواتر في المقدمة أيضا.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»