البحث حول المهدي عجّل اللّه فرجه - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ٦٧
لحماية أشخاص من الأنبياء وحجج الله على الأرض، ففلق البحر لموسى (1)، وشبه للرومان أنهم قبضوا على عيسى (2) ولم يكونوا قد قبضوا عليه، وخرج النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من داره وهي محفوفة بحشود قريش التي ظلت ساعات تتربص به لتهجم عليه، فستره الله تعالى عن عيونهم وهو يمشي بينهم (3). كل هذه الحالات تمثل قوانين طبيعية عطلت لحماية شخص، كانت الحكمة الربانية تقتضي الحفاظ على حياته، فليكن قانون الشيخوخة والهرم من تلك القوانين.
وقد يمكن أن نخرج من ذلك بمفهوم عام وهو أنه كلما توقف الحفاظ على حياة حجة لله في الأرض على تعطيل قانون طبيعي، وكانت إدامة حياة ذلك الشخص ضرورية لإنجاز مهمته التي أعد لها، تدخلت العناية الربانية في تعطيل ذلك القانون لإنجاز ذلك، وعلى العكس إذا كان الشخص قد انتهت مهمته التي أعد لها ربانيا فإنه سيلقى حتفه ويموت أو يستشهد وفقا لما تقرره القوانين الطبيعية.
ونواجه عادة بمناسبة هذا المفهوم العام السؤال التالي: كيف يمكن أن يتعطل القانون (4)؟ وكيف تنفصم العلاقة الضرورية التي تقوم بين الظواهر الطبيعية؟ وهل هذه إلا مناقضة للعلم الذي اكتشف ذلك القانون الطبيعي، وحدد هذه العلاقة

(١) إشارة إلى قوله تعالى: (فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم) الشعراء: ٦٣.
(٢) إشارة إلى قوله تعالى: (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم...) النساء: ١٥٧.
(٣) راجع: سيرة ابن هشام ٢: ١٢٧، فقد نقل هذه الحادثة وهي مجمع عليها.
(٤) قد يقال: إن القانون بصفته قانونا لا بد أن يطرد، ولا يتصور التعطيل والانخرام، وقد لاحظ بعضهم أن الانخرام إنما هو بقانون آخر، كما هو الأمر بالنسبة إلى قانون الجاذبية، الذي يستلزم جذب الأشياء إلى المركز، ومع ذلك فإن الماء يصعد بعملية الامتصاص في النباتات من الجذر إلى الأعلى بواسطة الشعيرات، وهذا بحسب قانون آخر هو (الخاصية الشعرية). راجع: القرآن محاولة لفهم عصري / الدكتور مصطفى محمود.
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»