البحث حول المهدي عجّل اللّه فرجه - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ٦٣
حدود المألوف حتى اليوم في حياة الناس، وفي ما أنجز فعلا من تجارب العلماء.
ولكن!
أوليس الدور التغييري الحاسم الذي أعد له هذا المنقذ غريبا في حدود المألوف في حياة الناس، وما مرت بهم من تطورات التاريخ؟
أوليس قد أنيط به تغيير العالم، وإعادة بنائه الحضاري من جديد على أساس الحق والعدل؟
فلماذا نستغرب إذا اتسم التحضير لهذا الدور الكبير ببعض الظواهر الغريبة والخارجة عن المألوف كطول عمر المنقذ المنتظر؟ فإن غرابة هذه الظواهر وخروجها عن المألوف مهما كان شديدا، لا يفوق بحال غرابة نفس الدور العظيم الذي يجب على اليوم الموعود إنجازه. فإذا كنا نستسيغ ذلك الدور الفريد (1) تاريخيا على الرغم من أنه لا يوجد دور مناظر له في تاريخ الإنسان، فلماذا لا نستسيغ ذلك العمر المديد الذي لا نجد عمرا مناظرا له في حياتنا المألوفة؟
ولا أدري!
هل هي صدفة أن يقوم شخصان فقط بتفريغ الحضارة الإنسانية من محتواها الفاسد وبنائها من جديد، فيكون لكل منهما عمر مديد يزيد على أعمارنا الاعتيادية أضعافا مضاعفة؟
أحدهما مارس دوره في ماضي البشرية وهو النبي نوح، الذي نص القرآن

(1) إشارة إلى ما أعد للإمام المهدي المنتظر من دور ومهمة تغييرية على مستوى الوجود الإنساني برمته كما يشير الحديث الصحيح: " يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا ".
وهذا الدور وهذه المهمة عليها الإجماع بين علماء الإسلام، والاختلاف حصل في أمور فرعية.
ومن هنا كان التساؤل الذي أثاره السيد الشهيد (رضي الله عنه) له مبرر منطقي قوي.
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»