قدرة من الناحية النفسية (1) على مواجهتها والصمود في وجهها ومواصلة العمل ضدها حتى النصر.
ومن الواضح أن الحجم المطلوب من هذا الشعور النفسي يتناسب مع حجم التغيير نفسه، وما يراد القضاء عليه من حضارة وكيان، فكلما كانت المواجهة لكيان أكبر ولحضارة أرسخ وأشمخ تطلبت زخما أكبر من هذا الشعور النفسي المفعم.
ولما كانت رسالة اليوم الموعود تغيير عالم ملئ بالظلم وبالجور، تغييرا شاملا بكل قيمه الحضارية وكياناته المتنوعة، فمن الطبيعي أن تفتش هذه الرسالة عن شخص أكبر في شعوره النفسي من ذلك العالم كله، عن شخص ليس من مواليد ذلك العالم الذين نشأوا في ظل تلك الحضارة التي يراد تقويضها واستبدال حضارة العدل والحق بها، لأن من ينشأ في ظل حضارة راسخة، تعمر الدنيا بسلطانها وقيمها وأفكارها، يعيش في نفسه الشعور بالهيبة تجاهها، لأنه ولد وهي قائمة، ونشأ صغيرا وهي جبارة، وفتح عينيه على الدنيا فلم يجد سوى أوجهها المختلفة.
وخلافا لذلك، شخص يتوغل في التاريخ عاش الدنيا قبل أن ترى تلك الحضارة النور، ورأى الحضارات الكبيرة سادت العالم الواحدة تلو الأخرى ثم تداعت وانهارت (2)، رأى ذلك بعينيه ولم يقرأه في كتاب تاريخ..