وبالرغم من أن الصحابة، بوصفهم الطليعة المؤمنة والمستنيرة، كانوا أفضل وأصلح بذرة لنشوء أمة رسالية، حتى أن تاريخ الانسان لم يشهد جيلا عقائديا أروع وأنبل وأطهر من الجيل الذي أنشأه الرسول القائد. وبالرغم من ذلك نجد من الضروري التسليم بوجود اتجاه واسع، منذ كان النبي حيا، يميل إلى تقديم الاجتهاد في تقدير المصلحة، واستنتاجها من الظروف، على التعبد بحرفية النص الديني، وقد تحمل الرسول (صلى الله عليه وآله) المرارة في كثير من الحالات بسبب هذا الاتجاه حتى وهو على فراش الموت في ساعاته الأخيرة على ما يأتي (122)، كما كان هناك اتجاه آخر يؤمن بتحكيم الدين والتسليم له والتعبد بكل نصوصه في جميع جوانب الحياة.
وقد يكون من عوامل انتشار الاتجاه الاجتهادي في صفوف المسلمين انه يتفق مع ميل الانسان بطبيعته إلى التصرف وفقا لمصلحة يدركها وبقدرها، بدلا عن التصرف وفقا لقرار لا يفهم مغزاه.