وختمت بابن العميد، وكان الصاحب بن عباد قد سافر إلى بغداد فلما رجع إليه قال له كيف وجدتها فقال بغداد في البلاد كالأستاذ في العباد، وكان يقال له الأستاذ، وكان سائسا مدبرا للملك قائما بحقوقه وقصده جماعة من مشاهير الشعراء من البلاد الشاسعة ومدحوه بأحسن المدائح فمنهم أبو الطيب المتنبي ورد عليه وهو بأرجان ومدحه بقصائد إحداها التي أولها:
باد هواك صبرت أم لم تصبرا * وبكاك إن لم يجرد معك أو جرى ومنها:
ارجان أيتها الجياد فإنه * عزمي الذي يذر الوشيج مكسرا من مبلغ الاعراب إني بعدها * شاهدت رسطاليس والاسكندرا وسمعت بطليموس دارس كتبه * متملكا متبديا متحضرا ولقيت كل الفاضلين كأنما * رد الاله نفوسهم والاعصرا نسقوا لنا نسق الحساب مقدما * واتى فذلك إذ اتيت مؤخرا وهي من القصائد المختارة أعطاه ثلاثة آلاف دينار.
(أقول) لما كان ابن خلكان محبا للأدب أطال الكلام في أحوال ابن العميد وذكر جملة من الأبيات الواردة في مدحه وقال: ان أبا حيان التوحيدي قد وضع كتابا سماه مثالب الوزيرين اي ابن العميد والصاحب بن عباد وضمغه معائنهما وما أنصفهما وهذا الكتاب من الكتب المحذورة (اي شوم) ما ملكه أحد إلا وانعكست أحواله ولقد جربته وجربه غيري على ما أخبرني من أثق به انتهى ملخصا. وبالجملة كان ابن العميد رحمه الله أوحد العصر في الكتابة وجميع أدوات الرياسة وآلات الوزارة، يضرب به المثل في البلاغة وينتهي إليه الإشارة بالفصاحة، إن عدت