قبل البعثة وهم يرضعون أما عبد الله الذي ولد له بعد بعثته صلى الله عليه وسلم فكان آخر الأولاد من خديجة رضي الله تعالى عنها وبهذا يظهر التوقف في قول السهيلي رحمه الله كلهم ولدوا بعد النبوة وأجاب بعضهم بأن المراد بعد ظهور دلائل النبوة وفيه أن دلائل النبوة وجدت قبل تزوجه بخديجة رضي الله تعالى عنها وعند موت عبد الله هذا قال العاص بن وائل والد عمرو بن العاصي وقيل أبو لهب قد انقطع ولده أي لا ولد له ذكر لأن ما عدا ذكر عند العرب لا يذكر فهو أبتر فأنزل الله تعالى * (إن شانئك هو الأبتر) * أقول في مسلم عن انس رضي الله تعالى عنه قال بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا إغفى إغفاءه ثم رفع رأسه متبسما فقلنا ما أضحكك يا رسول الله فقال أنزل على آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم * (إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر) * ولا يخفى أن هذا يقتضي ان السورة المذكورة مدنية ثم رأيت الإمام النووي رجح ذلك لما ذكر وقد يقال يجوز ان يكون * (إن شانئك هو الأبتر) * نزل بمكة وما عداه نزل بالمدينة وقد يعبر عن معظم السورة بالسورة ثم رأيته في الاتقان ذكر ان مما نزل دفعة واحدة سورا منها الفاتحة والإخلاص والكوثر ثم رأيت الإمام الرافعي رحمه الله قال فهم فاهمون من الحديث أن السورة نزلت في تلك الإغفاءة وقالوا من الوحي ما كان يأتيه في النوم لأن رؤيا الأنبياء وحي وهذا غير صحيح لكن الأشبه أن يقال القرآن كله نزل يقظة وكان صلى الله عليه وسلم خطر له في النوم سورة كوثر المنزل عليه في اليقظة أي قبل ذلك وفيه أن قوله آنفا لا يناسبه قال أو يحمل الإغفاء على الحالة التي كانت تعتريه عند نزول الوحي ثم رأيت الجلال السيوطي في الإتقان نظر في جواب الرافعي الأول بما ذكرته واستحسن الجواب الثاني وفي المواهب ان العاصي بن وائل اجتمع هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم في باب من أبواب المسجد فتحدثا وصناديد قريش جلوس في المسجد فلما دخل العاص المسجد قالوا له من ذا الذي كنت تتحدث معه قال ذاك الأبتر يعني النبي صلى الله عليه
(٣٩٢)