السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٩٧
النبي صلى الله عليه وسلم وبكت الصحابة معه ونزل جبريل عليه السلام بقوله تعالى * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) * يريد بذلك وقت الموت أي عند وجود الفتانين وعند السؤال في القبر فتلا النبي صلى الله عليه وسلم الآية فطابت الأنفس وسكنت القلوب وشكروا لله وفيه أن هذا يقتضى أنه صلى الله عليه وسلم لم يلقن أحدا قبل ولده إبراهيم وهذا الحديث استند اليه من يقول بأن الأطفال يسألون في القبر فيسن تلقينهم وذهب جمع إلى أنهم لا يسألون وأن السؤال خاص بالمكلف وبه أفتى الحافظ ابن حجر رحمه الله فقال والذي يظهر اختصاص السؤال بمن يكون مكلفا ويوافقه قول النووي رحمه الله في الروضة وشرح المهذب التلقين إنما هو في حق الميت المكلف أما الصبي ونحوه فلا يلقن قال الزركشي وهو مبني على أن غير المكلف لا يسأل في قبره وذكر القرطبي رحمه الله ان الذي يقتضيه ظواهر الأخبار ان الأطفال يسألون وأن العقل يكمل لهم وذكر أن الأحاديث مصرحة بسؤال الكافر أي من هذه الأمة ويخالفه قولهم حكمة السؤال تمييز المؤمن من المنافق الذي كان يظهر الإسلام في الدنيا وأما الكافر الجاحد فلا يسأل قال الفاكهاني إن الملائكة لا يسألون قال بعضهم ووجهه ظاهر فإن الملائكة إنما يموتون عند النفخة الأولى أي فلم يبق منهم من يقع منه السؤال وأما عذاب القبر فعام للمسلم والكافر والمنافق فعلم الفرق بين فتنة القبر وعذابه وهو أن الفتنة تكون بامتحان الميت بالسؤال وأما العذاب فعام يكون ناشئا عن عدم جواب السؤال ويكون من غير ذلك وقد اختص نبينا صلى الله عليه وسلم بسؤال أمته عنه بخلاف بقية الأبيناء عليهم الصلاة والسلام وما ذاك إلا أن الأنبياء قبل نبينا كان الواحد منهم إذا أتى أمته وأبوا عليه اعتزلهم وعوجلوا بالعذاب وأما نبينا صلى الله عليه وسلم فبعث رحمة بتأخير العذاب ولما أعطاه الله السيف دخل في دينه قوم مخافة من السيف فقيض الله تعالى فتاني القبر ليستخرجا بالسؤال ما كان في نفس الميت فيثبت الله المسلم ويزل المنافق وفي بعض الآثار تكرر السؤال في المجلس الواحد ثلاث مرات وفي بعضها أن المؤمن يسأل سبعة أيام المنافق أربعين يوما أي قد يقع ذلك
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»