عليه وسلم اشتد عليه الوعك فرجع إليه من كان ذهب من نسائه وأخذ في الموت فصار يغمى غليه ثم يفيق ويشخص بصره إلى السماء فيقول في الرفيق الأعلى الإله وكان عنده صلى الله عليه وسلم وقد اشتد به الأمر قدح فيه ماء وفي لفظ بدل قدح علياء وفي لفظ ركوة فيها ماء فلما اشتد عليه صلى الله عليه وسلم الأمر صار يدخل يده الشريفة في القدح ثم يمسح وجهه الشريف بالماء ويقول اللهم إني على سكرات الموت أي غمراته وعن فاطمة رضي الله تعالى عنها صار صلى الله عليه وسلم لما يغشاه الكرب وتقول واكرب أبتاه يقول لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على أبيك كرب بعد اليوم أقول وجاء أنه صلى الله عليه وسلم قال واكرباه وقال لا إله إلا الله إن للموت لسكرات اللهم أعني على سكرات الموت وفي رواية اللهم أعني على كرب الموت والحكمة في ذلك أي فيما شوهد من شدة ما لقى من الكرب عند الموت تسلية أمته صلى الله عليه وسلم إذا وقع لأحد منهم شيء من ذلك عند الموت ومن ثم قالت عائشة رضي الله تعالى عنها لا أكره شدة الموت لأحد أبدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية لا أزال أغبط المؤمن بشدة الموت بعد شدته على رسول الله صلى الله عليه وسلم وليحصل لمن شاهده من أهله وغيرهم من المسلمين الثواب لما يلحقهم من المشقة عليه كما قبل بمثل ذلك في حكمة ما يشاهد من حال الأطفال عند الموت من الكرب الشديد ثم رايت الأستاذ الأعظم الشيخ محمد البكري رحمه الله ونفعنا به سئل عن ذلك فأجاب بأجوبة منها هذا الذي ذكره ومنها أن مزاجه الشريف كان أعدل الأمزجة فإحساسه صلى الله عليه وسلم بالألم أكثر من غيره ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم إني لأوعك كما يوعك رجلان منكم ولأن تشبت الحياة الإنسانية ببدنه الشريف أقوى من تشبثها ببدن غيره لأنه أصل الموجودات كلها أي كما تقدم أي وعن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال صلى الله عليه وسلم في مرضه ليس أحد أشد بلاء من الأنبياء كان النبي من أنبياء الله يسلط عليه القمل حتى يقتله وكان النبي صلى الله عليه وسلم ليعرى حتى ما يجد ثوبا يواري به عورته إلا العباءة يدرعها وإن كانوا ليفرحون بالبلاء كما تفرحون بالرخاء
(٤٦٩)