السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٥
فمن استثنى الله في قوله إلا من شاء الله قال أولئك الشهداء وانما يصل الفزع إلى الأحياء وهم أحيا ء عند ربهم يرزقون وقاهم الله فزع ذلك اليوم وآمنهم منه وفيه أن هذا يقتضي أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يفزعون لأنهم أحياء ولم يذكرهم صلى الله عليه وسلم مع الشهداء والقياس قد يمنع لأنه يوجد في المفضول مالا يوجد في الفاضل وأنه من يكسى في الموقف أعظم الحلل من الجنة وأنه صلى الله عليه وسلم في المقام المحمود على يمين العرش وأنه الذي يشفع في فصل القضاء بين أهل الموقف وأنه له صلى الله عليه وسلم شفاعات في ذلك اليوم وهي إحدى عشرة شفاعة ذكرها في مزيل الخفاء وأنه صلى الله عليه وسلم صاحب لواء الحمد في ذلك اليوم آدم فمن دونه تحت لوائه صلى الله عليه وسلم وأنه خطيب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وإمامهم في ذلك اليوم كما تقدم وأول من يؤذن له في السجود وأول من ينظر إلى الرب عز وجل وأنه يسجد أولا فيقول له الرب جل جلاله ارفع رأسك يا محمد قل تسمع وسل تعط واشفع تشفع ثم ثانيا ثم ثالثا كذلك فيشفع وأنه أول من يفيق من الصعقة وفيه أن نفخة الصعقة وهي النفخة الثانية التي هي نفخة الموته لأهل السماوات والأرض إلا أن يقال المراد بالصعقة هنا نفخة رابعة أثبتها ابن حزم فقد قال الحافظ الجلال السيوطي رحمه الله وأغرب ابن حزم رحمه الله تعالى فادعى أن النفخ في الصور يقع أربع مرات فعليه تكون هذه النفخة ليست هي المذكورة في القرآن وأنها تكون في الموقف بعد النفخة الثالثة التي هي نفخة البعث التي بسببها يكون القيام من القبور إلى المحشر المعنية بقوله تعالى * (ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) * وهذه النفخة الرابعة تسمى نفخة الصعق أيضا الأن بها يحصل لجميع أهل السماوات والأرض في ذلك الوقت غشى وهوشبيه بالموت ويكون أول من يفيق من تلك الصعقة هو صلى الله عليه وسلم وحينئذ يجد موسى عليه الصلاة والسلام آخذا بقائمة من قوائم العرش ويكون قوله أنا أول من تنشق عنه الأرض فأكون انا أول من رفع رأسه فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش من تخليط بعض الرواة وحينئذ لا يحتاج إلى الجواب بأنه صلى الله عليه وسلم أخبر بقوله لا أدري قبل أن أعلمه الله تعالى بأنه أول من
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»