السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٤٥
عليه وفي رواية قرأ عليه * (حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب) * الآيات فانطلق حتى أتى منزل أهله بني مخزوم فقال والله كلام محمد ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن إلى آخر ما تقدم ثم انصرف إلى منزله فقالت قريش قد صبأ الوليد والله لتصبأن قريش كلها فقال أبو جهل لعنه الله أنا أكفيكموه فقعد على هيئة الحزين فمر به الوليد فقال له مالي أراك كئيبا قال وما يمنعني ان أحزن وهذه قريش قد جمعوا لك نفقة ليعينوك على أمرك وزعمو أنك إنما زينت قول محمد لتصيب من فضل طعامه فغضب الوليد وقال أوليس قد علمت قريش أني من أكثرهم مالا وولدا وهل يشبع محمد وأصحابه من الطعام فانطلق مع أبي جهل حتى أتى مجلس بني مخزوم فقال هل تزعمون أن محمدا كذاب فهل رأيتموه كذبكم قط قالوا اللهم لا قال فتزعمون أنه مجنون فهل رأيتموه خرفكم قط أي أتى بالخرافات من القول قالوا لا قال تزعمون أنه كاهن فهل سمعتموه يخبر بما تخبر به الكهنة قالوا لا فعند ذلك قالت له قريش فما هو يا أبا المغيرة فقال إن هذا إلا سحر يؤثر وقد سمع أعرابي رجلا يقرأ * (فاصدع بما تؤمر) * فسجد فقيل له في ذلك فقال سجدت لفصاحة هذا الكلام وسمع آخر رجلا يقرأ * (فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا) * فقال أشهد أن مخلوقا لن يقدر على مثل هذا الكلام أي ولما سمع الأصمعي من جارية خماسية أو سداسية فصاحة فعجب منها فقالت له أو تعد هذا فصاحة بعد قوله تعالى * (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه) * الآية فجمع فيها بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين ولما أراد بعضهم معارضة بعض سوره وقد أوتى من الفصاحة والبلاغة الحظ الأوفى فسمع صبيا في المكتب يقرأ * (وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر) * رجع عن المعارضة ومحا ما كتبه وقال والله ما هذا من كلام البشر قال بعضهم ولم يتحد صلى الله عليه وسلم بشيء من معجزاته إلا بالقرآن قال بعضهم كل جملة من القرآن معجزة وحفظ من التبديل والتحريف على ممر الدهور وقارئه لا يمله وسامعه لا يمجه بل لا يزال مع تكريره وترديده غضا طريا تتزايد حلاوته وتتعاظم محبته وغيره من الكلام ولو بلغ الغاية يمل من الترداد ويعادي إذا أعيد يؤنس به في الخلوات
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»