أن يقال الجواز مخصوص بأن لا يجاوز الحد اللائق بالشخص ولعل سجفهم جاوزت الحد اللائق بهم وقد قال الأشعث له صلى الله عليه وسلم نحن بنو أكل المرار وأنت ابن آكل المرار يعني جدته أم كلاب فقد تقدم أنها من كندة وقيل إنما قال ذلك الأشعث لأن عمه العباس بن عبد المطلب كان إذا دخل حيا من أحياء العرب لأنه كما تقدم كان تاجرا فإذا سئل من أين قال أنا ابن آكل المرار ليعظم يعني انتسب إلى كندة لأن كندة كانوا ملوكا فاعتقدت كندة أن قريشا منهم لقول العباس المذكور فقال له صلى الله عليه وسلم لا نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفو أمنا ولا ننتفى من آبائنا أي لا ننتسب إلى الأمهات ونترك النسب إلى الأباء والأشعث هذا ممن ارتد بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ثم دعا إلى الإسلام في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أي فإنه حوصر ثم جئ به أسيرا فقال الصديق حين أراد قتله ستبقني لحروبك وزوجني أختك فزوجه أخته أم فروة فدخل سوق الإبل بالمدينة واخترط سيفه فجعل لا يرى جملا إلا عرقبه فصاح الناس كفر الأشعث فلما فرغ طرح سيفه وقال والله ما كفرت إلا أن الرجل يعني أبا بكر رضي الله تعالى عنه زوجني أخته ولو كنا ببلادنا لكانت لنا وليمة غير هذه وقال يا أهل المدينة انحروا وكلوا وأعطى أصحاب الإبل أثمانها قال وقال صلى الله عليه وسلم للاسعث هل لك من ولد فقال لي غلام ولد لي عند مخرجي إليك وددت ان لي به لسبعة فقال إنهم مبخلة مبلهة محزنة وإنهم لقرة العين وثمرة الفؤاد انتهى ومنها وفد أزد شنوءه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع من الأزد وفيهم صرد بن عبد الله ألازدي وكان أفضلهم فأمره صلى الله عليه وسلم على من اسلم من قومه وأمره أن يجاهد بمن اسلم من كان يليه من أهل الشرك من قبائل اليمن فخرج حتى نزل بجرش بضم الجيم وفتح الراء وبالشين المعجمة وهي مدينة بها قبائل من قبائل اليمن وحاصرها المسلمون قريبا من شهر ثم رجعوا عنها حتى إذا كانوا بجبل يقال له شكر بالشين المعجمة والكاف المفتوحتين وقيل باسكان الكاف فلما وصلوا ذلك المحل ظن أهل جرش أن المسلمين رضي الله تعالى عنهم إنما رجعوا عنهم منهزمين فخرجوا في طلبهم حتى إذا أدركوهم عطفوا عليهم فقتلوهم قتلا شديدا وقد كان أهل جرش بعثوا رجلين منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة
(٢٦١)