كنت على دين وإني تارك ديني لدينك فتضمن لي ذنبي فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم أنا ضامن لك أن قد هداك إلى ما هو خير لك منه فأسلم وأسلم أصحابه ثم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحملهم فقال والله ما عندي ما أحملكم عليه فقال يا رسول الله يحال بيننا وبين بلادنا ضوال من ضوال المسلمين أي من الإبل والبقر مما يحمى نفسه أفنتبلغ عليها أي نركبها إلى بلادنا قال لا إياك وإياها فإنما تلك حرق النار أي لهبها كذا في الأصل وفي السيرة الهشامية أن الجارود إنما وفد مع حلف له يقال له سلمة بن عياض الأزدي وأن الجارود قال لسلمة إن خارجا خرج بتهامة يزعم أنه نبي فهل لك أن تخرج إليه فإن رأينا خيرا دخلنا فيه وأنا أرجو أن يكون هو النبي الذي بشر به عيسى ابن مريم لكن يضمر كل واحد مناله ثلاث مسائل يسأله عنها لا يخبر بها صاحبه فلعمري إنه إن أخبرنا بها إنه لنبي يوحى اليه فلما قدما عليه صلى الله عليه وسلم قال له الجارود بم بعثك به ربك يا محمد قال بشهادة أن لا إله إلا الله وأني عبد الله ورسوله والبراءة من كل ند أو دين يعبد من دون الله وبإقام الصلاة لوقتها وإيتاء الزكاة لحقها وصوم رمضان وحج البيت من استطاع اليه سبيلا بغير إلحاد * (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد) * قال الجارود يا محمد إن كنت نبيا فأخبرنا عما أضمرنا عليه فخفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة كأنها سنة ثم رفع رأسه الشريف العرق يتحدر عنه فقال أما أنت يا جارود فإنك أضمرت أن تسألني عن دماء الجاهلية وعن حلف الجاهلية وعن المنيحة ألا وإن دم الجاهلية موضوع وحلفها مردود ولا حلف في الإسلام ألا وأن أفضل الصدقة أن تمنح أخاط ظهر دابة أو لبن شاة فإنها تغدو برفده وتروح بمثله وأما أنت يا سلمة فإنكا أضمرت على أن تسألني عن عبادة الأوثان وعن يوم السباسب وعن عقل الهجين فأما عبدة الأوثان فإن الله تعالى يقول * (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون) * وأما يوم السباسب فقد أعقبه الله ليلة خيرا من ألف شهر فاطلبوها في العشر الأواخر من رمضان فإنها ليلة بلجة سمحة لا ريح فيها تطلع الشمس في صبيحتها لا شعاع لها وأما عقل الهجين فإن المؤمنين إخوة تتكافأ دماؤهم يجبر أقصاهم على أدناهم أكرمهم عند الله أتقاهم فقالا نشد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك عبده ورسوله انتهى
(٢٥٠)