السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٦
ثم امر به مطلقا فقال وقاتلوا المشركين كافة هذا كلامه ولا يخفى ان الاستوى ممن يرى أن امر للوجوب وهو يقتضي ان يكون الامر به في الحالة الثانية للوجوب والراجح ما علمت أن امر مشترك بين الوجوب والندب وانه في الحالة الثانية مباح لا مأمور به ثم استقر امر الكفار معه صلى الله عليه وسلم بعد نزول براءة على ثلاثة أقسام القسم الأول محاربون له صلى الله عليه وسلم وهؤلاء المحاربون إذا كانوا ببلادهم يجب قتالهم على الكفاية في كل عام مرة أي يكفي ذلك في اسقاط الحرج كاحياء الكعبة وستدل لذلك بقوله تعالى * (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة) * أي فهلا نفر وقيل كان فرض عين لقصة الثلاثة الذين تخلفوا عن الجهاد في غزوة تبوك ويحتاج إلى الجواب عن ذلك وقيل كان فرض كفاية في حق الأنصار وفرض عين في حق المهاجرين والقسم الثاني أهل عهدوهم المؤمنون من غير عقد الجزية أي صالحهم ووادعهم على أن لا يحاربوه ولا يظاهروا عليه عدوهم وهم على كفرهم آمنون على دمائهم وأموالهم والقسم الثالث أهل ذمة أي وهم من عقدت لهم الجزية وهناك قسم اخر وهو من دخل في الاسلام تقيه من القتل وهم المنافقون كما تقدم وامر صلى الله عليه وسلم ان يقبل منهم علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله تعالى فكان معرضا عنهم الا فيما يتعلق بشعائر الاسلام الظاهرة كالصلاة فلا يخالف ما رواه الشيخان لقد هممت ان امر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فاحرق عليهم بيوتهم بالنار فقد ذكر أئمتنا ان ذلك ورد في قوم منافقين يتخلفون عن الجماعة ولا يصلون أي أصلا بدليل السياق أي لان صدر الحديث اثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر أي جماعتهما ولو يعلمون ما فيهما لاتوهما ولو حبوا ولقد هممت الخ وفي الخصائص الصغرى وكان الجهاد في عهده صلى الله عليه وسلم فرض عين في أحد الوجهين عندنا وكان إذا غزا بنفسه صلى الله عليه وسلم يجب على كل أحد الخروج معه لقوله تعالى * (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله) * ومن ثم وقع لمن تخلف عنه في غزوة تبوك ما وقع
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»