الفصل وقد أعاد صلى الله عليه وسلم مالم يسمعوه من أركان الخطبة عند انفضاضهم فلا يخالف ما ذهب إليه إمامنا الشافعي رضى الله تعالى عنه من وجوب سماع أربعين لأركان الخطبة قال مقاتل بلغني أنهم فعلوا ذلك أي الانفضاض عند الخطبة ثلاث مرات فأنزل الله تعالى * (وإذا رأوا تجارة أو لهوا) * الآية ثم صار صلى الله عليه وسلم يخطب قبل أن يصلى أي ليحافظ الناس على عدم الإنفضاض لأجل الصلاة وعليه انعقد الإجماع فلا نظر لمخالفة الحسن البصري وحينئذ يكون قول بعض فقهائنا استدلالا على وجوب تأخر صلاة الجمعة عن الخطبتين يثبت صلاته صلى الله عليه وسلم بعد خطبتين أي استقر ثبوت ذلك وعن الزهري بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا خطب أي في غير الخطبة المتقدمة كل ما هو آت قريب لا بعد لما هو آت لا يعجل الله لعجلة أحد ولا يخف لأمر من الناس يريد الناس أمرا ويريد الله أمرا فما شاء الله كان لا ما شاء الناس وما شاء الله كان ولو كرة الناس لا مبعد لما قرب الله ولا مقرب لما بعد الله ولا يكون شئ إلا بإذن الله والله أعلم ثم ركب صلى الله عليه وسلم راحلته بعد الجمعة متوجها للمدينة أي وقد أرخى زمامها ولم يحركها وهى تنظر يمينا وشمالا فسأله بنو سالم منهم عتبان بكسر العين المهملة ابن مالك ونوفل بن عبد الله بن مالك وعبادة بن الصامت فقالوا يا رسول الله أقم عندنا في العدد والعزة والمنعة وفى لفظ والثروة وفى لفظ أنزل فينا فإن فينا العدد والعدة والحلقة أي السلاح ونحن أصحاب الحدائق والدرك يا رسول الله كان الرجل من العرب يدخل هذه البحيرة خائفا فيلجأ إلينا فقال لهم خيرا وقال خلوا سبيلها يعنى ناقته دعوها فإنها مأمورة أي وفى رواية إنها مأمورة خلوا سبيلها وهو يتبسم ويقول بارك الله عليكم فانطلقت حتى وردت دار بنى بياضة أي محلتهم أي والمراد القبيلة فسأله بنو بياضة أي ومنهم زياد بن لبيد وفروة بن عمرو بمثل ما تقدم وأجابهم بأنها مأمورة خلوا سبيلها فانطلقت حتى وردت دار بنى ساعدة أي ومنهم سعد ابن عبادة والمنذر بن عمرو وأبو دجانة فسأله بنو ساعدة بمثل ذلك وأجابهم بخلوا سبيلها فإنها مأمورة فانطلقت حتى مرت بدار عدى بن النجار وهم أخواله صلى الله عليه وسلم
(٢٤٤)