السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٨
أي ولم ينكر عليهم وبه استدل أئمتنا على جواز الرقص حيث خلا عن التكسر فقد صحت الأخبار وتواترت الآثار بإنشاد الأشعار بين يديه صلى الله عليه وسلم بالأصوات الطيبة مع الدف وبغيره وبذلك استدل أئمتنا على جواز الضرب بالدف ولو فيه جلاجل لما هو سبب لإظهار السرور وعلى جواز إنشاد الشعر واستماعه حيث خلا عن هجو لغير نحو فاسق متجاهر بفسقه وخلا عن تشبب بمعين من امرأة أو غلام والخلاف إنما هو في سماع الملاهي كالأوتار والمزامير وخوف الفتنة من سماع صوت المرأة أو الأمرد الجميل ونقل عن الجنيد أنه قال الناس في السماع أي سماع الآلات على ثلاثة أضرب العوام وهو حرام عليهم لبقاء نفوسهم والزهاد وهو مباح لهم لحصول مجاهداتهم والعارفون وهو مستحب لهم لحياة قلوبهم وذكر نحوه أبو طالب المكي وصححه السهروردي في عوارف المعارف وفى كلام بعضهم جبلت النفوس حتى غير العاقلة على الإصغاء إلى ما يحسن من سماع الصوت الحسن فقد كانت الطيور تقف على رأس داود عليه الصلاة والسلام لسماع صوته لكن يشكل على ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة عن صفوان بن أمية وهو من المؤلفة قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء عمر بن قرة فقال يا رسول الله إن الله كتب على الشقوة فلا أنال الرزق إلا من دفى بكفى فأذن لي في الغناء من غير فاحشة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا إذن لك ولا كرامة ولا نعمة كذبت أي عدو الله أي يا عدو الله والله لقد رزقك الله طيبا فاخترت ما حرم الله عليك من رزقه مكان ما أحل الله لك من حلاله أما إنك لو قلت بعد كهذه المقالة لضربتك ضربا وجيعا إلا أن يقال هذا النهى إن صح محمول على من يتخذ ضرب الدف حرفة وهو مكروه تنزيها وقوله صلى الله عليه وسلم اخترت ما حرم الله عليك إلى آخره للمبالغة في التنفير عن ذلك ونزل صلى الله عليه وسلم على أبى أيوب وقال المرء مع رحله أي بعد أن قال أي بيوت أهلنا يعنى أهل تلك المحلة من بنى النجار أقرب فقال أبو أيوب دارى هذه وقد حططنا رحلك فيها فذهبت تلك الكلمة أي التي هي المرء مع رحله مثلا وقال اذهب فهيئ لنا مقيلا فذهب فهيأ ذلك ثم جاء فقال يا نبي الله قد هيأت مقيلا فقم على
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»