السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٦٧٨
يمينا وشمالا فرأى قبر أمه آمنة فتوضأ ثم صلى ركعتين فبكى وبك الناس لبكائه ثم قام فصلى ركعتين ثم انصرف إل الناس وقال لهم صلى الله عليه وسلم ما الذي أبكاكم قالوا بكيت فبكينا يا رسول الله قال ما ظننتم قالوا ظننا أن العذاب نازل علينا قال لم يكن من ذلك شئ قالوا ظننا أن أمتك كلفت من الأعمل مالا تطيق قال لم يكن من ذلك شيء ولكني مررت بقبر أمي فصليت ركعتين ثم استأذنت ربي عز وجل أن أستغفر لها فزجرت زجرا أي منعت عن ذلك منعا شديدا فأبكاني وفي لفظ فعلى بكائي هذا أي فعلى هذا بكائي والذي في الوفاء أنه صلى الله عليه وسلم وقف على عسفان فنظر يمينا وشمالا فأبصر قبر أمه فورد الماء فتوضأ ثم صلى ركعتين قال بريدة فلم يفجأنا إلا ببكائه فبكينا لبكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف فقال ما الذي أبكاكم الحديث ثم دعا براحلته فركبها فسار يسيرا فأنزل الله تعالى * (ما كان للنبي) * صلى الله عليه وسلم * (والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) * إلى آخر الأيتين فلما سرى عنه الوحي قال أشهدكم أني برى من آمنة كما تبرأ إبراهيم من أبيه أي وهذا السياق يدل على أن هاتين الآيتين غير ما زجر به عن الاستغفار لها المتقدم في قوله فزجرت زجرا فليتأمل وفي مسلم عن أبي أيوب رضي الله عنه قال زار رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال استأذنت ربي في أن استغفر لها فلم يأذن لي واستأذنته في أن أزورها أي بعد ذلك فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت وسيأتي عن عائشة رضي الله عنها أن في حجة الوداع مر صلى الله عليه وسلم على عقبة الحجون فنزل وقال لها وقفت على قبر أمي وسيأتي أن ذلك يدل على أن قبر أمه بمكة لا بالأبواء وتقدم الجمع بين كونه بالأبواء وكونه بمكة وسيأتي بالحديبية أنه صلى الله عليه وسلم زار قبرها وفي فتح مكة أيضا وسيأتي الكلام على ذلك وأن ذلك كان قبل إحيائها له وإيمانها به صلى الله عليه وسلم
(٦٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 673 674 675 676 677 678 679 680 681 682 683 ... » »»