السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٦٧٣
وجاء إن بعض أهل سعد رضي الله عنه سئل ما بلغكم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أي في سبب تضايق القبر على سعد كما يرشد إليه جوابهم بقولهم فقالوا ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك فقال كان يقصر في بعض الطهور من البول بعض التقصير وهذا قد يخالف ما في الخصائص الصغرى وخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لا يضغط في قبره وكذلك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولم يسلم من الضغطة صالح ولا غيره سواهم وكذا ما في التذكرة للقرطبي إلا فاطمة بنت أسد ببركته صلى الله عليه وسلم أي حيث اضطجع صلى الله عليه وسلم في قبرها ويحتاج للجمع بينه وبين ما في الخصائص وجاء عن عائشة رضي الله عنها رضي الله عنه أنها قالت يا رسول الله ما انتفعت بشيء منذ سمعتك تذكر ضغطة القبر وضمته فقال يا عائشة إن ضغطة القبر على المؤمن كضمة الأم الشفيقة يديها على رأس ابنها يشكو إليها الصداع وضرب منكر ونكير عليه كالكحل في العين ولكن يا عائشة ويل للشاكين الكافرين أولئك الذين يضغطون في قبورهم ضغطا يقبض على الصخر أي وحينئذ يكون المراد بالمؤمن الذي هذا شأنه الذي لم يحصل منه تقصير فلا ينافي ما تقدم عن سعد فليتأمل وقد روى البيهقي رحمه الله أنه صلى الله عليه وسلم حمل جنازة سعد بن معاذ رضي الله عنه بين العمودين وبه استدل أئمتنا على أن ذلك أفضل من حمل الجنازة بالتربيع الذي اعتاده الناس الآن ومشى صلى الله عليه وسلم أمام جنازته ثم صلى عليه وجاءت أمه رضي الله عنها ونظرت إليه في اللحد وقالت أحتسبك عند الله وعزاها رسول الله وهو واقف على قدميه على القبر فلما سوى التراب على قبره رش عليه الماء ثم وقف صلى الله عليه وسلم ودعا ثم انصرف وناحت عليه أمه فقال صلى الله عليه وسلم كل ناحئة تكذب إلا نائحة سعد بن معاذ رضي الله عنه أي فإنه رضي الله عنه موصوف بكل ما يقال فيه من الأوصاف الحسنة بخلاف غيره وبعث صاحب دومة الجندل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبة من سندس كما سيأتي فجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنهم يعجبون من تكل الجبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن يعني من هذا ومن المعلوم أن المنديل أدنى الثياب لأنه معد للامتهان فثيابه رضي الله عنه في الجنة أعلى وأغلى وقد
(٦٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 668 669 670 671 672 673 674 675 676 677 678 ... » »»