السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٥٩
يندفع قول بعضهم صلاة الفجر لم تكن وجبت وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة الجن وفيه أي في الصحيحين أن سورة الجن إنما نزلت بعد استماعهم وقد يقال سيأتي ما يعلم منه أنه ليس المراد بالاستماع الاستماع المذكور هنا بل استماع سابق على ذلك وهو المذكور في رواية ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الآتية ورواية صلاة الفجر هنا ذكرها الكشاف كالفخر وإلا فالروايات التي وقفت عليها فيها الاقتصار على صلاة الليل وصلاة الفجر كانت في ابتداء البعث في بطن نخلة عند ذهابه وأصحابه إلى سوق عكاظ كما سيأتي عن ابن عباس رضي الله عنهما فآمنوا به وكانوا يهودا لقولهم إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى ولم يقواوا من بعد عيسى إلا أن يكون ذلك بناء على أن شريعة عيسى مقررة لشريعة موسى لا ناسخة لها ولا يخفى أنهم غلبوا ما نزل من الكتاب على مالم ينزل لأنهم لم يسمعوا جميع الكتاب ولا كان كله منزلا قال وأنكر ابن عباس رضى الله تعالى عنهما اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم بالجن أي بأحد منهم ففي الصحيحين عنه قال ما قرأ رسول الله عليه وسلم على الجن ولا رآهم انطلق رسول الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ أي وكان بين الطائف ونخلة كان لثقيف وقيس عيلان كما تقدم وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب ففزعت الشياطين إلى قومهم فقالوا مالكم قالوا قد حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب قالوا وما ذاك إلا من شيء قد حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فمن النفر جماعة أخذوا نحو تهامة فإذا هم بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو بنخلة عامدا إلى سوق عكاظ يصلي بأصحابه صلاة الفجر فلما سمعوا القرآن استمعوا له وقالوا هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء فرجعوا إلى قومهم فقالوا يا قومنا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فأنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم قل أوحى إلى أي قل أخبرت بالوحي من الله تعالى أنه استمع لقراءتى نفر من الجن أي جن نصيبين أقول تقدم أن إطلاق الفجر على الركعتين اللتين كان يصليهما قبل طلوع الشمس سائغ فإن ذلك باعتبار الزمان لا لكونهما إحدى الخمس المفترضة ليلة الإسراء وقوله بأصحابه يجوز أن تكون الباء بمعنى مع ويجوز أن يكون صلى بهم إماما لأن الجماعة في ذلك جائزة
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»