السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٦٣
في أسارى بدر فقال لو كان الشيخ أبوك حيا فأتانا فيهم لشفعناه فيهم كما سيأتي أي لأنه فعل معه صلى الله عليه وسلم هذا الجميل وكان من جملة من سعى في نقض الصحيفة كما تقدم قال وعن كعب الأحبار رضى الله تعالى عنه لما انصرف النفر السبعة من أهل نصيبين من بطن نخلة جاءوا قومهم منذرين ثم جاءوا مع قومهم وافدين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة وهم ثلاثمائة فانتهوا إلى الحجون فجاء واحد من أولئك النفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن قومنا قد حضروا بالحجون يلقونك فوعده رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة من الليل بالحجون اه وعن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه قال أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أمرت أن أقرأ على إخوانكم من الجن فليقم معي رجل منكم ولا يقم رجل في قلبه مثقال حبة خردل من كبر فقمت معه أي بعد أن كرر ذلك ثلاثا ولم يجبه أحد منهم ولعلهم فهموا أن من الكبر ما ليس منه وهو محبة الترفع في نحو الملبس الذي لا يكاد يخلو منه أحد وقد بين صلى الله عليه وسلم الكبر في الحديث ببطر الحق وغمص الناس أي استصغارهم وعدم رؤيتهم شيئا بعد أن قالوا له يا رسول الله إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا قال إن الله جميل يحب الجمال الكبر من بطر الحق وغمط الناس بالطاء المهملة كما في رواية أبى داود وجاء لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ولا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان قال الخطابي المراد بالكبر هنا أي في هذه الرواية كبر الكفر لأنه قابله بالإيمان قال ابن مسعود وذهب صلى الله عليه وسلم في بعض نواحي مكة أي بأعلاها بالحجون فلما برز خط لي خطا أي برجله وقال لا تخرج فإنك إن خرجت لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة وفى رواية لا تحدثن شيئا حتى آتيك لا يروعنك أي لا يخوفنك ويفزعنك ولا يهولنك أي لا يعظم عليك شئ تراه ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا رجال سود كأنهم رجال الزط وهم طائفة من السودان الواحد منهم زطى وكانوا كما قال الله تعالى كادوا يكونون عليه أي لازدحامهم لبدا أي كاللبد في ركوب بعضهم بعضا حرصا على سماع القرآن منه صلى الله عليه وسلم فأردت أن أقوم فأذب
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»