السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٥٨
المراد بهم ثقيف لا قريش ويوافق هذا الظاهر قول ابن الشحنة في شرح منظومة ده بعد أن ساق دعاءه صلى الله عليه وسلم المتقدم بعضه فأرسل الله عز وجل جبريل ومعه ملك الجبال فقال إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين وحينئذ يكون المراد إطباقهما عليهم بعد نقلهما من محلها إلى محل ثقيف الذي هو الطائف لأن القدرة صالحة وعند قول ملك الجبال له ما ذكر قال النبي صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله تعالى وفي رواية أستأني بهم لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله تعالى لا يشرك به شيئا وعند ذلك قال له ملك الجبال أنت كما سماك ربك رؤوف رحيم قال الحافظ ابن حجر ولم أقف على اسم ملك الجبال وإلى حلمه وإغضائه صلى الله عليه وسلم أشار صاحب الهمزية بقوله * جهلت قومه عليه فأغضى * وأخو الحلم دأبه الإغضاء * وسع العالمين علما وحلما * فهو بحر لم تعيه الأعباء * أي جهلت قومه صلى اله عليه وسلم عليه فآذوه أذية لا تطاق فأغضى عنهم حلما وأخو الحلم أي وصاحب عدم الانتقام شأنه التغافل فإن علمه وسع لوم العالمين ووسع حلمه حلمهم فهو واسع العلم والحلم لم تعيه الأعباء أي لم تتعبه الأثقال لكن تقييده بقومه السياق يدل على أن المراد به ثقيف وقد علمت ما فيه فليتأمل وعند منصرفه صلى الله عليه وسلم المذكور من الطائف نزل نخلة وهى محلة بين مكة والطائف فمر به نفر سبعة وقيل تسعة من جن نصيبين أي وهى مدينة بالشام وقيل باليمن أثنى عليها صلى الله عليه وسلم بقوله رفعت إلى نصيبين حتى رأيتها فدعوت الله تعالى أن يعذب نهرها وينضر شجرها ويكثر مطرها وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل أي وسطه يصلى وفى رواية يصلى صلاة الفجر وفى رواية هبطوا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة فلعله كان يقرأ في الصلاة والمراد بصلاة الفجر الركعتان اللتان كان يصليهما قبل طلوع الشمس ولعله صلاهما عقب الفجر وذلك ملحق بالليل وفى قوله جوف الليل تجوز من الراوي أو صلى صلاتين صلاة في جوف الليل وصلاة بعد الفجر وقرأ فيهما أو جمع بين القراءة والصلاة وأن الجن استمعوا للقراءتين وإطلاق صلاة الفجر على الركعتين المذكورتين سائغ وبهذا
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»