السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٥٩
وقوله تعالى * (نصر من الله وفتح قريب) * وككلمات شريفة نبوية جاء الوزن فيها اتفاقيا غير مقصود كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم * هل أنت إلا أصبع دميت * وفى سبيل الله ما لقيت * أي بناء على تسليم أنه من قوله صلى الله عليه وسلم وإلا فقد قيل إنه من قول عبد الله ابن رواحة أي فإن ذلك مذكور في أبيات قالها في غزوة مؤتة وقد صدمت أصبعه فدميت وذكر بدل في سبيل الله في كتاب الله ولا مانع أن يكون ابن رواحة أدخل ذلك البيت في تلك الأبيات التي صنعها كما تقدم وفى كلام ابن دحية ولا يمر على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضروب الرجز إلا ضربان منهوك ومشطور فالمنهوك أنا النبي لا كذب والمشطور هل أنت إلا أصبع دميت وقيل البيت الواحد لا يكون شعرا على أنه قيل إن الرجز ليس من الشعر عند الأخفش خلافا للخليل أي فإن الأخفش احتج على أن الرجز ليس بشعر رادا على الخليل ومن تبعه القائلين بأنه من الشعر حيث قال لأحتجن عليهم بحجة إن بم يقروا بها كفروا لو كان شعرا ما جرى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله تعالى يقول * (وما علمناه الشعر وما ينبغي له) * هذا كلامه قال في النور والصحيح أنه شعر أي موافقة للخليل وقد علمت أن ما جرى منه على لسانه صلى الله عليه وسلم ليس شعرا لعدم قصده فليتأمل وقد نقل الماوردي من أئمتنا أنه كما يحرم عليه قول الشعر أي إنشاؤه يحرم عليه روايته أي دون إنشاده متمثلا وفرق بعضهم بين الإنشاد والرواية بأن الرواية يقول قال فلان كذا وأما إنشاده متمثلا فلا يقول ذلك هذا كلامه وفيه أنه قال لما قيل له من أشعر الناس قال الذي يقول إلى آخره وقال للعباس ابن مرداس أنت القائل إلى آخره قال ذلك البعض وكان الفرق بين الرواية والإنشاد أن في قوله قال فلان فيه رفعة للقائل بسبب قوله وهذا متضمن لرفع شأن الشعر والمطلوب منه الإعراض عن الشعر من حيث كونه شعرا وفيه أن الصديق قال له عند كل من الرواية والإنشاد لست براوية كما تقدم وعن الخليل كان الشعر أحب إليه صلى الله عليه وسلم من كثير من الكلام
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»