* تفاءل لما تهوى بكن فلقلما * يقال لشئ كان إلا تخلفا * وفى الخصائص الكبرى قال المزنى ولم يبلغني أنه صلى الله عليه وسلم أنشد بيتا تاما على رويه بل إما الصدر كقول لبيد ألاكل شئ ما خلا الله باطل أو العجز كقول طرفة ويأتيك بالأخبار من لم تزود أي وفيه ما تقدم عن عائشة وكقوله وقد أنشده أعشى بنى مازن أبياتا في ذم النساء آخر تلك الأبيات وهن من شر غالب لمن غلب فجعل صلى الله عليه وسلم يقول وهن شر غالب لمن غلب فإن أنشد بيتا كاملا غيره أي غالبا لما تقدم كبيت العباس بن مرداس أي فإنه صلى الله عليه وسلم قال يوما للعباس بن مرداس أرأيت قولك وفى لفظ أنت القائل * أصبح نهبى ونهب العبيد * بين الأقرع وعيينة * فقيل له إنما هو بين عيينة والأقرع فقال عليه الصلاة والسلام إنما هو الأقرع وعيينة فقال أبو بكر رضى الله تعالى عنه بأبى أنت وأمي يا رسول الله وفى لفظ أشهد أنك رسول الله ما أنت بشاعر ولا راويه ولا ينبغي لك إنما قال بين عيينة والأقرع أي أنه لا ينبغي لك أن تكون شاعرا كما قال الله ولا ينبغي لك أن تكون راويا للشعر أي بأن تاتى به على وجهه أي لا يكون شأنك ذلك مباعدة عن الشعر وكون شأنه ذلك لا ينافي وجوده منه على وجهه في بعض الأحيان فليتأمل وعن بعضهم ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت شعر قط أي موزونا وقد يقال لا يخالف هذا ما تقدم عن المواهب لأنه يجوز أن يكون هذا المنقول عن عائشة وعن المزنى وعن بعضهم كان أغلب أحواله كما قدمناه في المنقول عن عائشة ثم رأيته في الامتاع أشار إلى ذلك بقوله وربما أنشد صلى الله عليه وسلم البيت المستقيم في النادر وقول المواهب لا دليل على منع إنشاده متمثلا أي دائما وأبدا ويدل لذلك قول الزهري إنه لم يقل بيتا موزونا متمثلا به إلا قوله هذا الحمال إلى آخره وفيه ما علمت ولا يخفى أن الشعر عر ف بأنه كلام عربى موزون عن قصد قال البدر الدمياطي وقولنا عن قصد يخرج ما كان وزنه اتفاقيا كآيات شريفة اتفق جريان الوزن فيها أي من بحور الشعر الستة عشر وقد ذكرها الجلال السيوطي في نظمه للتلخيص وذلك كما في قوله تعالى * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) * وكقوله تعالى * (وجفان كالجواب وقدور راسيات) *
(٢٥٨)