السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٥٧
أبغض الحديث إليه الشعر غير أنه كان يتمثل ويجعل أوله آخره وآخره أوله أي غالبا كان يقول ويأتيك من لم تزود بالأخبار ويقول كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا أي وذلك قول سحيم بمهملة مصغرا عبد بنى الحساس شاعر مشهور مخضرم كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا ولما غير رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له الصديق رضى الله تعالى عنه إنما قال الشاعر كذا فأعاده صلى الله عليه وسلم كالأول فقال الصديق أشهد أنك رسول الله * (وما علمناه الشعر) * ولما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قول سحيم * الحمد لله حمدا لا انقطاع له * فليس إحسانه عنا بمقطوع * قال أحسن وصدق وقول الصديق أشهد أنك رسول الله * (وما علمناه الشعر) * يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لا يجرى الشعر على لسانه موزونا وقد قيل له صلى الله عليه وسلم من أشعر الناس قال الذي يقول * ألم تريانى كلما جئت طارقا * وجدت بها وإن لم تطيب طيبا * الأصل وجدت بها طيبا وإن لم تطيب وكان أبو بكر رضى الله تعالى عنه يقول له بأبى أنت وأمي يا رسول الله ما أنت بشاعر ولا راوية والمراد بكون الشعر أبغض إليه الإتيان به وإلا فقد كان يسمع الشعر كما تقدم ويستنشده فقد ذكر بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم كان يستنشد الخنساء أخت صخر لأمه ويعجبه شعرها فكانت تنشده وهو يقول هيه يا خناس ويومئ بيده وقد قال بعضهم أجمع أهل العلم أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها ومن شعرها في أخيها المذكور * أعينى جودا ولاتجمدا * ألا تبكيان لصخر الندى * * طويل النجاد عظيم الرماد * وساد عشيرته أمردا * وللجلال السيوطي كتاب سماه نزهة الجلساء في أشعار الخنساء وقولنا في قول عائشة إنه كان يتمثل بالشعر ويجعل أوله آخره أي غالبا حتى لا ينافي ما جاء عنها كان يتمثل بشعر ابن رواحة * ويأتيك بالأخبار من لم تزود * وقولها ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينشد شعرا إلا بيتا واحدا
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»