السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ١٨٦
إلى المدينة ورجع إلى مكة مستخفيا وخلص عياشا وهشاما وجاء بهما إلى المدينة فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وشكر صنيعه وبه يعلم ضعف ما تقدم من أن عياشا لم يزل محبوسا إلى يوم الفتح وممن هاجر قبل النبي صلى الله عليه وسلم سالم مولى أبي حذيفة بن عبتة بن ربيعة أي لأنه لما أعتقته زوجة أبي حذيفة وكانت أنصارية تبناه أبو حذيقة وكان يؤم المهاجرين بالمدينة فيهم عمر بن الخطاب لأنه كان أكثرهم أخذا للقرآن فكان عمر بن الخطاب يثني عليه كثيرا حتى قال لما أوصى عند قتله لو كان سالم مولى أبي خذيفة حيا ما جعلتها شورى قال ابن عبد البر معناه أنه كان يأخذ برأيه فيمن يوليه الخلافة أي فإنه قتل في يوم اليمامة وأرسل عمر بميراثه لمعتقته فأبت ان تقبله فجعله في بيت المال ولما أراد صهيب الهجرة إلى المدينة أي بعد أن هاجر إليها صلى الله عليه وسلم خلافا لما يوهمه كلام الأصل والشامي قال له كفار قريش أتيتنا صعلوكا فقيرا فكثر مالك عندنا ثم تريد أن تخرج بمالك لا والله لا يكون ذلك فقال لهم صهيب أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي قالوا نعم قال فإني جعلته لكم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ربح صهيب أقول وذكر أن صهيبا تواعد معه صلى الله عليه وسلم أن يكون معه في الهجرة فلما أراد صلى الله عليه وسلم الخروج للغار أرسل إليه أبا بكر مرتين أو ثلاثا فوجده يصلي فكره أن يقطع عليه صلاته كما سيأتي وحينئذ يكون قول صهيب المذكور بعد هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كما تقدم وهو ما في الخصائص الكبرى عن صهيب لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وخرج معه أبو بكر وقد كنت هممت بالخروج معه فصدني قتيان من قريش أي بعد أن أردت الخروج بعده وقالوا له جئتنا فقيرا حقيرا صعلوكا فكثر مالك عندنا وتريد أن تخرج بمالك ونفسك لا يكون ذلك أبدا قال فقلت لهم أنا أعطيكم أواقي من الذهب وفي لفظ ثلث مالي وفي لفظ مالي وتخلون سبيلي ففعلوا فقلت احفروا تحت أسكفة الباب فإن تحتها الأواقي وخرحت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء قبل أن يتحول منها فلما رآني قال يا أبا يحيى ربح البيع ثلاثا فقلت يا رسول الله إنه ما سبقني إليك أحد وما أخبرك إلا جبريل عليه الصلاة والسلام
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»