السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ١٥١
لأنه استقر أمرها بعد قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة بشهر أو بأربعين يوما ثم نزلت آية القصر في ربيع الأول من السنة الثانية إلا أنها استمرت منذ فرضت فلا يلزم من ذلك أن القصر عزيمة وقيل فرضت أي الصلوات الخمس في المعراج أربعا إلا المغرب ففرضت ثلاثا وإلا الصبح ففرضت ركعتين أي وإلا صلاة الجمعة ففرضت ركعتين ثم قصرت لأربع في السفر أي وهو المناسب لقوله تعالى * (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) * ومن ثم قال بعضهم إن هذا هو الذي يقتضيه ظاهر القرآن وكلام جمهور العلماء ويمكن أن يكون المراد من كلام عائشة رضى الله تعالى عنها أنها فرضت ركعتين بتشهد ثم ركعتين بتشهد وسلام وفيه أن هذا لا يأتي في الصبح والمغرب وقال بعضهم ويبعد هذا الحمل ما روى عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى أي الصلوات الخمس التي فرضت بالمعراج بمكة ركعتين ركعتين فلما قدم المدينة أي وأقام شهرا أو وعشرة أيام فرضت الصلاة أربعا أو ثلاثا وتركت الركعتان تماما أي تامة للمسافر وعن يعلى بن أمية قال قلت لعمر بن الخطاب * (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم) * وقد أمن الناس قال عمر عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته أي فصار سبب القصر مجرد السفر لا الخوف وهذا قد يخالف ما في الإتقان سأل قوم من بنى النجار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله إنا نضرب في الأرض فكيف نصلى فأنزل الله عز وجل * (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) * ثم انقطع الوحي فلما كان بعد ذلك غزا النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر فقال المشركون لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم هلا شددتم عليهم فقال قائل منهم إن لهم أخرى مثلها في أثرها فأنزل الله عز وجل بين الصلاتين * (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) * إلى قوله * (عذابا مهينا) * فنزلت صلاة الخوف فتبين بهذا الحديث أن قوله * (إن خفتم) * شرط فيما بعده وهو صلاة الخوف إلا في صلاة القصر قال ابن جرير هذا تأويل في الآية حسن لو لم يكن في الآية إذا قال ابن الغرس يصح مع إذا على جعل الواو زائدة
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»