السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ١٤٠
ما وراء أي وليس المراد أنه سبحانه وتعالى هو النور المرئى له خلافا لمن فهم ذلك وأيده بما روى نوراني أي لأن هذه الرواية كما قيل تصحيف ومن ثم قال القاضي عياض لم أرها في أصل من الأصول ومحال أن تكون ذاته تعالى نورا لأن النور من جملة الأعراض أي لأنه كيفية تدركها الباصرة أولا وبواسطة تلك الكيفية تدرك سائر المبصرات كالكيفية الفائضة من النيرين على الأجرام الكثيفة المحاذية لهما والله تعالى يتعالى عن ذلك أي فحجابه تعالى النور كما رواه مسلم أي ومن ثم قيل في قوله تعالى * (الله نور السماوات والأرض) * أي ذو نور أو هو على المبالغة أي وجاء رأيته في صورة شاب أمرد عليه حلة خضراء دونه ستر من لؤلؤ وجاء رأيت ربى في أحسن صورة قال الكمال بن الهمام إن كان المراد به رؤية اليقظة فهو حجاب الصورة قال وقيل رآه بفؤاده مرتين لابعينى رأسه فعن بعض الصحابة قلنا يا رسول الله هل رأيت ربك قال لم أره بعيني رأيته بفؤادي مرتين ثم تلا ثم دنا فتدلى الآية وهذا السياق يدل على أن فاعل دنا فتدلى الحق سبحانه وتعالى والمراد بالفؤاد القلب أي خلقت الرؤية في القلب أو خلق الله لفؤاده بصرا رأى به انتهى أقول وكون الفؤاد له بصر واضح لقوله تعالى * (ما زاغ البصر وما طغى) * وأجيب عما احتجت به عائشة رضي الله عنها من قوله تعالى * (لا تدركه الأبصار) * بأنه لا يلزم من الرؤية الإدراك أي الذي هو الإحاطة فالنور إنما منع الإحاطة به لا من أصل الرؤية وقد قال بعضهم للإمام أحمد بأي معنى تدفع قول عائشة رضى الله تعالى عنها من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله تعالى الفرية فقال يدفع بقول النبي صلى الله عليه وسلم رأيت ربى وقول النبي صلى الله عليه وسلم أكبر من قولها هذا وقد قال أبو العباس بن تيمية الإمام أحمد إنما يعنى رؤية المنام فإنه لما سئل عن ذلك قال نعم رآه فإن رؤيا الأنبياء حق ولم يقل إنه رآه بعين رأسه يقظة ومن حكى عنه ذلك فقد وهم وهذه نصوصه موجودة ليس فيها ذلك أقول وفيه أنه يبعد أن يكون الإمام أحمد يفهم عن عائشة رضى الله تعالى عنها أنها تنكر رؤيا المنام حتى يرد عليها وقد ضعف حديث أبي ذر المتقدم وهو قلت يا رسول الله رأيت ربك فقال نور أنى أراه وهو من جملة الأحاديث التي في مسلم التي نظر فيها والله أعلم
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»