السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ١٣٨
ميكائيل ضحك بعد ذلك فقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم تبسم في الصلاة فسئل عن ذلك فقال رأيت ميكائيل راجعا من طلب القوم أي يوم بدر وعلى جناحه الغبار فضحك إلى فتبسمت إليه ولعل هذا كان بعد ما أخرجه أحمد في مسنده عن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لجبريل إني لم أر ميكائيل ضاحكا قط قال ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار ومما يدل على أن جبريل عليه الصلاة والسلام خلق قبل النار أيضا ما في مسند أحمد عن أنس بن مالك قال قال صلى الله عليه وسلم لجبريل لم تأتني إلا رأيتك صارا بين عينيك قال إني لم أضحك منذ خلقت النار وهذا مع ما تقدم من رؤية الجنة والنار يرد على الجهمية وبعض المعتزلة كعبد الجبار وأبى هاشم حيث زعموا أن الله تعالى لم يخلق الجنة والنار وأنهما ليستا موجودتين الآن وإنما يخلقهما سبحانه وتعالى يوم الجزاء مستدلين بأنه لا يحسن من الحكيم أن يخلق الجنة دار النعمة والنار دار النقمة قبل خلق أهلهما وبأنهما لو كانا مخلوقتين في السماء والأرض والأرض لفنيا بفنائهما وأجيب عن الأول بأنه يحسن من الحكيم خلقهما قبل يوم الجزاء لأن الإنسان إذا علم ثوابا مخلوقا اجتهد في العبادة لتحصيل ذلك الثواب وإذا علم عقابا مخلوقا اجتهد في اجتناب المعاصي لئلا يصيبه ذلك الثواب وإذا علم عقابا مخلوقا اجتهد في اجتناب المعاصي لئلا يصيبه ذلك العقاب فليتأمل وأجيب عن الثاني بأن الله استثناهما من قوله تعالى * (فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء) * وفيه أن هذه صعقة الموت ولا يتصف بالموت غير ذي الروح ولأن الجنة كما قيل ليست في السماء السابعة بل فوقها والنار ليست في الأرض السابعة بل تحتها وحينئذ يكون القول بأن الجنة في السماء السابعة والنار في الأرض السابعة فيه تجوز والله أعلم قال واختلف في رؤيته صلى الله عليه وسلم لربه تبارك وتعالى تلك الليلة فأكثر العلماء على وقوع ذلك أي أنه صلى الله عليه وسلم رآه عز وجل بعين رأسه واستدل له بحديث رأيت ربى في أحسن صورة ورد بأن هذا الحديث مضطرب الإسناد والمتن وقد قال بعض العارفين شاهد الحق سبحانه وتعالى القلوب فلم ير قلبا أشوق إليه
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»