واستدل على أن كلا من الإسراء والمعراج كان يقظة بجسده صلى الله عليه وسلم وروحه بقوله تعالى * (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا) * لأن العبد حقيقة هو الروح والجسد قال تعالى * (أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى) * وقال وأنه لما قام عبد الله يدعوه ولو كان الإسراء مناما لقال بروح عبده ولأن الدواب التي منها البراق لا تحمل الأرواح وإنما تحمل الأجساد واستدل على أنه الرؤية كانت بعين بصره صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى * (ما زاغ البصر وما طغى) * لأن وصف البصر بعدم الإزاغة يقتضى أن ذلك يقظة ولو كانت الرؤية قلبية لقال ما زاغ قلبه أقول فيه أن لقائل أن يقول يجوز أن يكون المراد بالبصر بصر قلبه لما تقدم أن الله تعالى خلق لقلبه بصرا والله أعلم وقيل كان الإسراء بجسده والمعراج بروحه الشريفة أي بذاتها عرج بها حقيقة من غير إماتة للجسد وكان حالها في ذلك أرقى منه كحالها بعد مفارقتها لجسدها بموته في صعودها في السماوات حتى بين يدي الله تعالى وهذا أمر فوق ما يراه النائم وغيره صلى الله عليه وسلم لا تنال ذات روحه الصعود إلا بعد الموت لجسدها قيل ومن ثم لم يشنع كفار قريش إلا أمر الإسراء دون المعراج أقول الظاهر أن إخباره صلى الله عليه وسلم بالمعراج لم يكن عند إخباره بالإسراء بل تأخر عن إخباره بالإسراء بناء على أنهما كان في ليلة واحدة وإلا فقد ذكر بعضهم أن المعراج لم يكن ليلة الإسراء الذي أخبر به كفار قريش قال إذ لو كان أي في تلك الليلة لأخبر به حين أخبرهم بالأسراء أي ولم يخبر به حينئذ إذ لو أخبر به حينئذ لنقل ولذكره سبحانه وتعالى مع الإسراء لأن المعراج أبلغ في المدح والكرامة وخرق العادة من الإسراء إلى المسجد الأقصى وأجيب عنه بأنه على تسليم أنه كان في ليلة الإسراء الذي أخبر به قريشا هو صلى الله عليه وسلم استدرجهم إلى الإيمان بذكر الإسراء أولا فلما ظهرت لهم أمارات صدقه على تلك الآية الخارقة التي هي الإسراء أخبرهم بما هو أعظم منها وهو المعراج بعد ذلك أي وحيث أخبرهم بذلك لم ينكروه لذلك أي لثبوت صدقه صلى الله عليه وسلم فيما ادعاه من الإسراء وتقدم عن المواهب أنهم لم يسألوه عن علامات تدل على صدقه صلى الله
(١٤٣)