من قلب محمد صلى الله عليه وسلم فأكرمه بالمعراج تعجيلا للرؤية والمكالمة وأنكرتها عائشة رضى الله تعالى عنها وقالت من زعم أن محمد رأى ربه أي بعين رأسه فقد أعظم الفرية على الله عز وجل أي أتى بأعظم الافتراء والكذب على الله عز وجل ووافقها على ذلك من الصحابة ابن مسعود وأبو هريرة رضى الله تعالى عنهما وجمع من العلماء ونقل عن الدارمي الحافظ أنه نقل إجماع الصحابة على ذلك ونظر فيه وذهب إلى الرؤية أي المذكورة أكثر الصحابة وكثير من المحدثين والمتكلمين بل حكى بعض الحفاظ على وقوع الرؤية له بعين رأسه الإجماع وإلى ذلك يشير صاحب الأصل بقوله * ورآه وما رآه سواه رؤية العين يقظة لا المرائي * واحتجت عائشة رضي الله عنها على منع الرؤية بقوله تعالى * (لا تدركه الأبصار) * قال وروى أن مسروقا قال لها ألم يقل الله عز وجل ولقد رآه نزلة أخرى أي مرة أخرى أي بناء على أن الضمير المستتر له صلى الله عليه وسلم والبارز له سبحانه وتعالى فقالت أنا أول هذه الأمة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك فقال إنما رأيت جبريل منهبطا أي فالضمير البارز إنما هو لجبريل وفي رواية قال لها ذاك جبريل لم أره في صورته التي خلق عليها إلا مرتين أي مرة في الأرض ومرة في السماء في هذه الليلة كما تقدم وعلى ظاهر الآية أي من جعل الضمير المستتر له صلى الله عليه وسلم والبارز له سبحانه وتعالى وقطع النظر عن هذه الرواية التي جاءت عن عائشة رضى الله تعالى عنها يلزم أن يكون صلى الله عليه وسلم رأى الحق سبحانه وتعالى ليلة المعراج مرتين مرة في قاب قوسين ومرة عند سدرة المنتهى ولا مانع من ذلك ولعل ذلك هو المعنى بقول الخصائص الصغرى وخص صلى الله عليه وسلم برؤيته للبارى عز وجل مرتين وفيها وجمع له بين الكلام والرؤية وكلمه عند سدرة المنتهى وكلم موسى بالجبل قال بعضهم يجوز أنه صلى الله عليه وسلم خاطب عائشة رضى اللع تعالى عنها بما ذكر أي بقوله إنما رأيت جبريل إلى آخره على قدر عقلها أي في ذلك الوقت انتهى وأيد قولها بما روى عن أبي ذر رضى الله تعالى عنه قلت يا رسول الله هل رأيت ربك قال رأيت نورا أي حجبنى ومنعني عن رؤيته عز وجل ومن ثم جاء في رواية نور أنى أراه أي كيف أراه مع وجود النور لأن النور إذا غشى البصر حجبه عن رؤية
(١٣٩)