دسوه فيها غار ماؤها وعطشوا بعد ريهم ويبست أشجارهم وانقطعت ثمارهم بعد أن كان ماؤها يرويهم ويكفى أرضهم جميعا وتبدلوا بعد الأنس الوحشة وبعد الاجتماع الفرقة لأنهم كانوا ممن يعبد الأصنام أي وكان ابتلاهم الله تعالى بطير عظيم ذي عنق طويل كان فيه من كل لون فكان ينقض على صبيانهم يخطفهم إذا أعوذه الصيد وكان إذا خطف أحدا منهم أغرب به أي ذهب به إلى جهة المغرب فقيل له لطول عنقه ولذهابه إلى جهة المغرب عنقاء مغرب فشكوا ذلك إلى حنظلة عليه الصلاة والسلام فدعا على تلك العنقاء فأرسل الله تعالى عليها صاعقة فأهلكتها ولم تعقب وكان جزاؤه منهم أن قتلوه وفعلوا به ما تقدم وذكر بعضهم أن حنظلة هذا كان من العرب من ولد إسماعيل أيضا عليه الصلاة والسلام ثم رأيت ابن كثير ذكر أن حنظلة هذا كان قبل موسى عليه الصلاة والسلام وأنه لما ذكر أن في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عته فتحت تستر المدينة المعروفة وجدوا تابوتا وفي لفظ سريرا عليه دانيال عليه الصلاة والسلام ووجدوا طول أنفه شبرا وقيل ذراعا ووجدوا عند رأسه مصحفا فيه ما يحدث إلى يوم القيامة وأن من وفاته إلى ذلك اليوم ثلاثمائة سنة وقال إن كان تاريخ وفاته القدر المذكور فليس بنبي بل هو رجل صالح لأن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام ليس بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم نبي بنص الحديث في البخاري أقول قد علمت الجواب عن ذلك بأن المراد بالنبي الرسول وفيه أن هذا يبعده عطف الرسول على النبي المتقدم في بعض الروايات إلا أن يجعل من عطف التفسير والله أعلم والفترة التي كانت بينهما أربعمائة سنة وقيل ستمائة وقيل بزيادة عشرين سنة قالت عائشة رضي الله عنها ما وجدنا أحدا يعرف ما وراء عدنان ولا قحطان إلا تخرصا أي كذبا لأن الخراص الكذاب كذا قيل أقول لعل المراد بالكذب الغير المقطوع بصحته لأن الخرص حقيقته الحزر التخمين وكل من تكلم كلاما بناه على ذلك قيل له خراص ثم قيل للكذاب خراص توسعا وحينئذ كان القياس أن يقال إلاخرصا أي حزرا وتخمينا وعلى هذا كأن الصديقية رضي الله تعالى عنها أرادت المبالغة للتنفير عن الخوض في ذلك والله أعلم
(٣٥)