السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٣١
خلقا فأجعله عزا لأوليائي ومذلة على أعدائي وجمالا لأهل طاعتي فقالت افعل ما تشاء فقبض قبضة فخلق فرسا فقال لها خلقتك عربيا وجعلت الخير معقودا بناصيتك والغنائم مجموعة على ظهرك وعطفت عليك صاحبك وجعلتك تطيري بلا جناح فأنت للطلب وأنت للهرب وعن وهب أنه قيل لسليمان صلوات الله وسلامه عليه إن خيلا بلقا لها أجنحة تطير بها وترد ماء كذا فقال للشياطين على بها فصبوا في العين التي تردها خمرا فشربت فسكرت فربطوها وساسوها حتى تأنست قيل ويجوز أن يكون المراد من تلك الخيل الفرس الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم أتيت بمقاليد الدنيا على فرس أبلق جاءني به جبريل عليه الصلاة والسلام وجاء إن الله تعالى لما عرض على آدم عليه الصلاة والسلام كل شيء مما خلق قال له اختر من خلقي ما شئت فاختار الفرس فقيل له اخترت عزك وعز ولدك خالدا ما خلدوا وباقيا ما بقوا أبد الآبدين ودهر الداهرين وهذا صريح في أن الخيل خلقت قبل آدم وقد سئل الإمام السبكي هل خلقت الخيل قبل آدم أو بعده وهل خلقت الذكور قبل الإناث أو الإناث قبل الذكور فأجاب بأنا نختار أن خلق الخيل قبل آدم عليه الصلاة والسلام لأن الدواب خلقت يوم الخميس وآدم خلق يوم الجمعة بعد العصر وأن الذكور خلقت قبل الإناث لأمرين أحدهما أن الذكر أشرف من الأنثى والثاني حرارة الذكر أقوى من الأنثى ولذلك كان خلق آدم قبل خلق حواء فليتأمل وقد ذكر الإمام السهيلي أن في الفرس عشرين عضوا كل عضو منها يسمى باسم طائر ذكرها وبينها الأصمعي فمنها النسر والنعامة والقطاة والذباب والعصفور والغراب والصرد والصقر قالوا وفي الحيوان أعضاء باردة يابسة كالعظام نظير السوداء وأعضاء باردة رطبة كالدماغ نظير البلغم وأعضاء حارة يابسة كالقلب نظير الصفراء وأعضاء حارة رطبة كالكبد نظير الدم وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن شيء أحب إليه بعد النساء من الخيل وجاء ما من ليلة إلا والفرس يدعو فيها ويقول رب إنك سخرتني لابن آدم وجعلت رزقي في يده اللهم فاجعلني أحب إليه من أهله وولده وقيل لبعض
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»