السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٤٨
وقيل معنى وتقلبك في الساجدين وتقلبك في أركان الصلاة قائما وقاعدا وراكعا وساجدا في الساجدين أي في المصلين ففي الساجدين ليس متعلقا بتقلبك بل بساجد المحذوف لا يقال يعارض جعل الساجدين عبارة عن المؤمنين أن من جملة آبائه صلى الله عليه وسلم آزر والد إبراهيم الخليل صلى الله على نبينا وعليه وسلم وكان كافرا لأنا نقول أجمع أهل الكتاب على أن آزر كان عمه والعرب تسمى العم أبا كما تسمى الخالة أما فقد حكى الله عن يعقوب عليه السلام أنه قال آبائي إبراهيم وإسماعيل ومعلوم أن إسماعيل إنما هو عمه أي ويدل لذلك أن أبا إبراهيم كان اسمه تارخ بالمثناة فوق المعجمة كما عليه جمهور أهل النسب وقيل المهملة وعليه اقتصر الحافظ في الفتح لا آزر لكن ادعى بعضهم أنه لقب له لأن آزر اسم صنم كان يعبده فصار له أسمان آزر وتارخ كيعقوب وإسرائيل قال بعضهم وقد تساهل من أخذ بظاهر الآية كالقاضي البيضاوي وغيره فقال إن أبا إبراهيم مات على الكفر وما قيل إنه عمه فعدول عن الظاهر من غير دليل ويوافقه ما في النهر نقلا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن آزر كان اسم أبيه ويرد ذلك قول الحافظ السيوطي رحمه الله يستنبط من قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام ربنا أغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقول الحساب وكان ذلك بعد موت عمه بمدة طويلة أن المذكور في القرآن بالكفر والتبري من الاستغفار له أي في قوله تعالى * (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه) * هو عمه لا أبوه الحقيقي قال فلله الحمد على ما ألهم أي ولا يخفى أن هذا لا يتم إلا إذا كان أبوه الحقيقي حيا وقت التبري منه وأن التبري سببه الموت أي موت عمه على الكفر لا الوحي بأنه يموت كافرا فليتأمل وحينئذ يكون أبوه الحقيقي هو المعنى بقول أبي هريرة أحسن كلمة قالها أبو إبراهيم أن قال لما رأى ولده وقد ألقى في النار أي على تلك الحالة أي في روضة خضراء وحوله النار لم تحرق منه إلا كتافه نعم الرب ربك يا إبراهيم وكان سنه حين ألقى في النار ست عشرة سنة كما في الكشاف وفي كلام غيره كان سنة ثلاثين سنة بعد ما سجن ثلاث عشرة سنة وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال إن قريشا كانت نورا بين يدي الله تعالى
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»