السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٤٧
من التحدث بالنعمة وإن لزم من ذلك الفخر أيضا وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى * (وتقلبك في الساجدين) * قال من نبي إلى نبي حتى أخرجت نبيا أي وجدت الأنبياء في آبائه فسيأتي أنه قذف بي في صلب آدم ثم في صلب نوح ثم في صلب إبراهيم عليهما الصلاة والسلام بدليل ما يأتي فيه وفي لفظ آخر عنه ما زال النبي صلى الله عليه وسلم يتقلب في أصلاب الأنبياء أي المذكورين أو غيرهم حتى ولدته أمه أي وهذا كما لا يخفى لا ينافي وقوع من ليس نبيا في آبائه فالمراد وقوع الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم في نسبه عليه الصلاة والسلام كما علمت ضرورة أن آباءه كلهم ليسوا أنبياء لكن قال غيره لا زال نوره صلى الله عليه وسلم ينقل من ساجد إلى ساجد قال أبو حيان واستدل بذلك أي بما ذكر من الآية المذكورة أي المفسرة بما ذكر الرافضة على أن آباء النبي صلى الله عليه وسلم كانوا مؤمنين أي لأن الساجد لا يكون إلا مؤمنا فقد عبر عن الإيمان بالسجود وسيأتي مزيد الكلام في ذلك وهو استدلال ظاهري وإلا فالآية قيل معناها وتصفحك أحوال المتهجدين من أصحابك لأنه لما نسخ فرض قيام الليل عليه وعليهم بناء على أنه كان واجبا عليه وعلى أمته وهو الأصح وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان واجبا على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبله صلى الله عليه وسلم طاف صلى الله عليه وسلم تلك الليلة على بيوت أصحابه لينظر حالهم أي هل تركوا قيام الليل لكونه نسخ وجوبه بالصلوات الخمس ليلة المعراج حرصا على كثرة طاعتهم فوجدوها كبيوت الزنابير أي لأن الله عز وجل افترض عليه صلى الله عليه وسلم أي وعلى أمته قيام الليل أو نصفه أو أقل أو أكثر في أول سوة المزمل ثم نسخ ذلك في آخر السورة بما تيسر أي وكان نزول ذلك بعد سنة ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس ليلة المعراج كما سيأتي وجعل بعضهم ذلك من نسخ الناسخ فيصير منسوخات لما علمت أن آخر هذه السورة ناسخ لأولها ومنسوخ بفرض الصلوات الخمس واعترض بأن الأخبار دالة على أن قوله تعالى * (فاقرؤوا ما تيسر من القرآن) * إنما نزل بالمدينة يدل على ذلك قوله تعالى * (علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله) * لأن القتال في سبيل الله إنما كان بالمدينة فقوله تعالى * (فاقرؤوا ما تيسر) * إختيار لا إيجاب
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»