السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٥٢
وفي مرآة الزمان أن هاتين الغزالتين أهداهما للكعبة وكذا السيوف ماسان أول ملوك الفرس الثانية ورد بأن الفرس لم يحكموا على البيت ولا حجوه هذا كلامه وفيه أن هذا لا ينافي ذلك فيتأمل وكانت بئر زمزم نضب ماؤها أي ذهب فحفرها مضاض بالليل وأعمق الحفر ودفن فيها ذلك أي ودفن الحجر الأسود أيضا كما قيل وطم البئر واعتزل قومه فسلط الله تعالى عليهم خزاعة فأخرجتهم من الحرم وتفرقوا وهلكوا كما تقدم ثم لا زالت زمرم مطمومة لا يعرف محلها مدة خزاعة ومدة قصي من بعده إلى زمن عبد المطلب ورؤياه التي أمر فيها بحفرها قيل وتلك المدة خمسمائة سنة أي وكان قصى احتفر بئرا في الدار التي سكنتها أم هانئ أخت علي رضي الله تعالى عنهما وهي أول سقاية احتفرت بمكة فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال عبد المطلب إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت فقال احفر طيبة فقلت وما طيبة فذهب وتركني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال احفر برة فقلت وما برة فذهب وتركني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني وقال احفر المضنونة فقلت وما المضنونة فذهب وتركني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال احفر زمزم فقلت وما زمزم قال لا تنزف ولا تذم تسقى الحجيج الأعظم وهي بين الفرث والدم عند نقرة الغراب الأعصم عند قرية النمل وقوله لا تنزف أي لا يفرغ ماؤها ولا يلحق قعرها وفيه أنه ذكر أنه وقع فيها عبد حبشي فمات بها وانتفخ فنزحت من أجله ووجدوا قعرها فوجدوا ماءها يفور من ثلاثة أعين أقواها وأكثرها التي من ناحية الحجر الأسود وقوله ولا تذم بالذال المعجمة أي لا توجد قليلة الماء من قولهم بئر ذمة أي قليلة الماء قيل وليس المراد أنه لا يذمها أحد لأن خالد بن عبد الله القسري أمير العراق من جهة الوليد بن عبد الملك ذمها وسماها أم جعلان واحتفر بئرا خارج مكة باسم الوليد بن عبد الملك وجعل يفضلها على زمزم ويحمل الناس على التبرك بها وفيه أن هذا جراءة منه على الله تعالى وقلة حياء منه وهو الذي كان يعلن ويفصح بلعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه على المنبر فلا عبرة بذمه وقيل لزمزم طيبة لأنها للطيبين والطيبات من ولد إبراهيم وقيل لها برة لأنها فاضت
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»