السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٣٨٩
الاقتصار على عيسى فقال هذا الناموس الذي نزل على عيسى فهو كما جاء الجمع بينهما جاء الاقتصار على كل منهما ولا ينافي ذلك أي مجئ جبريل لعيسى ما تقدم عن النصارى من أنهم لا يقولون بنزول جبريل على عيسى لجواز أن يكون المراد لا ينزل عليه دائما وأبدا بالوحي بل في بعض الأحيان وفي بعضها يعلم الغيب بغير واسطة ثم رأيت في فتح الباري أن عند إخبار خديجة لورقة بالقصة قال لها هذا ناموس عيسى بحسب ما هو فيه من النصرانية وعند إخبار النبي صلى الله عليه وسلم له بالقصة قال له هذا ناموس موسى للمناسبة بينهما لأن موسى أرسل بالنقمة على فرعون وقد وقعت النقمة على يد نبينا صلى الله عليه وسلم على فرعون هذه الأمة الذي هو أبو جهل هذا كلامه فليتأمل وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم قال في حق أبي جهل في يوم بدر هذا فرعون هذه الأمة والله أعلم وعن عائشة رضي الله تعالى عنها جاءه الملك سحرا أي سحر يوم الاثنين يقظة لا مناما أي بغير نمط فقال له اقرأ قال ما أنا بقارئ أي لا أوجد القراءة قال فأخذني فغطني أي ضمني وعصرني وفي لفظ فأخذ بحلقي حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ أي لا أحسن القراءة أي لا أحفظ شيئا أقرؤه فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ أي أي شيء أقرؤه وفيه أنه لو كان كذلك لقال ما أقرأ أو ماذا أقرأ إلا أن يقال أطلق ذلك وأراد لازمه الذي هو الاستفهام خصوصا وقد قدمه قال فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال * (اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم) * أقول فقولنا أي بغير نمط هو ظاهر الروايات ويجوز أن يكون لفظ النمط سقط في هذه الرواية كغيرها من الروايات ويؤيده اقتصار السيرة الشامية على مجيئه بالنمط وأيضا كيف الجمع بين قوله هنا ما ذكر وبين قوله هناك فكأنما كتب في قلبي كتابا وما بالعهد من قدم إلا أن يقال يجوز أن يكون صلى الله عليه وسلم حوز أن يكون جبريل يريد منه قراءة غير الذي قرأه وكتب في قلبه ولا يخفى أنه علم أن قول جبريل اقرأ أمر بالقراءة
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»