السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٣٤٨
وما زعمه النصارى إنه المسيح رد عليهم بنصوص الإنجيل التي منها إن الله يقيم لكم نبيا من إخوتكم لأن المسيح ليس من إخوتهم بل منهم لأنه من نسل داود ففي زبور داود سيولد ولد أدعى له أبا ويدعى لي ابنا وإخوة بني إسرائيل إنما هم أولاد إسماعيل الذي هو أخو إسحق وبنو إسرائيل منه وأيضا لو كان المسيح لم يحسن أن يخاطب بهذا اللفظ وفي الإنجيل جاء الله من طور سينا وظهر بساعير وأعلن بفارن أي عرف الله بإرساله موسى وعيسى ومحمدا صلوات الله وسلامه عليهم لأن ظهور نبوة موسى كان في طور سينا وتقدم أنه جبل بالشام قيل هو الذي بين مصر وإيليا وأنزلت التوراة عليه فيه وظهور نبوة عيسى كان في ساعير وهو جبل القدس لأن عيسى عليه الصلاة والسلام كان يسكن بقرية بأرض الخليل يقال لها ناصرة وبإسمها سمى من اتبعه وأنزل عليه الإنجيل بها وظهور نبوة محمد صلى الله عليه وسلم كان في فاران وهي مكة وأنزل عليه القرآن بها وفي التوراة أن إسماعيل أقام بقرية فاران وإنما عبر في جانب موسى بالمجيء لأنه أول المشرعين لأن كتابه الذي هو التوراة أول كتاب اشتمل على الأحكام والشرائع بخلاف ما قبله من الكتب فإنها لم تشتمل على ذلك وإنما كانت مشتملة على الإيمان بالله تعالى وتوحيده ومن ثم قيل لها صحف وإطلاق الكتب عليها مجاز ولما حصل بعيسى وبكتابه الذي هو الإنجيل نوع ظهور عبر في جانبه بالظهور الذي هو أقوى من المجيء ثم لما زاد الظهور بمجيء محمد صلى الله عليه وسلم عبر عنه بالإعلان الذي هو أقوى من مجرد الظهور وقد قيل في تفسير قوله تعالى * (الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل) * إنهم يجدون نعته * (يأمرهم بالمعروف) * وهو مكارم الأخلاق وصلة الأرحام * (وينهاهم عن المنكر) * وهو الشرك * (ويحل لهم الطيبات) * وهي الشحوم التي حرمت على بني إسرائيل والبحيرة والسائبة والوصيلة والحام التي حرمتها الجاهلية * (ويحرم عليهم الخبائث) * التي كانت تستحلها الجاهلية من الميتة والدم ولحم الخنزير * (ويضع عنهم إصرهم) * من تحريم العمل يوم السبت وعدم قبول دية المقتول وأن يقطعوا ما أصابهم من البول والله أعلم
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»