السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٣٤٧
في الأسواق ولا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء أي ملة إبراهيم التي غيرتها العرب وأخرجها عن إستقامتها بأن يقول لا إله إلا الله يفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا أي لا تفهم كأنها في غلاف قال عطاء ثم لقيت كعب الأحبار رضي الله تعالى عنه فسألته فما أخطأ في حرف أقول لكن في رواية كعب وأعطى المفاتيح ليبصرن الله به أعينا عورا وليسمع به آذانا صما ويقيم به ألسنة معوجة يعين المظلوم ويمنعه من أن يستضعف وفيها وصفه صلى الله عليه وسلم بأنه يسبق حلمه جهله ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما وعن بعض أحبار اليهود أنه قال على جميع ما وصف به صلى الله عليه وسلم في التوراة وقفت إلا هذين الوصفين وكنت أشتهي الوقوف عليها فجاءه شخص يطلب منه ما يستعين به وذكر له أنه لم يكن عنده ما يعينه به فقلت هذه دنانير ندفعها له وتكون على كذا من التمر ليوم كذا ففعل فجئته قبل الأجل بيومين أو ثلاثة فأخذت بمجامع قميصه وردائه ونظرت إليه بوجه غليظ وقلت ألا تقضيني يا محمد في حقي إنكم يا بني عبد المطلب مطل فقال لي عمر أي عدو الله تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع وهم بي فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سكون وتؤدة وتبسم ثم قال أنا وهو أحوج إلى غير هذا منك يا عمر أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن التباعة أي المطالبة أذهب وأوفه حقه وزده عشرين صاعا مكان مارعته أي خفته فأسلم اليهودي وذكر القصة وفي التوراة لا يزال الملك في يهود إلى أن يجيء الذي إياه تنتظر الأمم أي لا يزال أمرهم ظاهرا إلى أن يجيء الذي تنتظره الأمم أي المرسل إليهم وهو محمد صلى الله عليه وسلم لأنه المرسل لجميع الأمم وما زعمه اليهود بأنه يوشع رد بنص التوراة في محل آخر إن الله ربكم يقيم نبيا من إخوتكم مثلي وقد قال لي إنه سوف يقيم نبيا مثلك من إخوتهم وأجعل كلمتي في فيه وأيما إنسان لم يطع كلامه أنتقم منه لأن قوله مثلي أي رسولا بكتاب مشتمل على الأحكام والشرائع وذكر المبدإ والمعاد لأن يوشع لم يكن له كتاب بل كان متابعا لسنة موسى عليه الصلاة والسلام في بني إسرائيل خاصة وأيضا يوشع منهم لا من إخوتهم فلو كان يوشع لقال منكم
(٣٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»