ومن ذلك ما جاء عن النعمان السبائي رضي الله تعالى عنه وكان من أحبار يهود باليمن قال لما سمعت بذكر النبي صلى الله عليه وسلم قدمت عليه وسألته عن أشياء ثم قلت له إن أبي كان يختم على سفر ويقول لاتقرأه على يهود حتى تسمع بنيى قد خرج بيثرب فإذا سمعت به فافتحه قال النعمان فلما سمعت بك فتحت السفر فإذا فيه صفتك كما أراك الساعة وإذا فيه ما تحل وما تحرم وإذا فيه أنت خير الأنبياء وأمتك خير الأمم واسمك أحمد صلى الله عليه وسلم وأمتك الحمادون أي يحمدون الله في السراء والضراء قربانهم دماؤهم أي يتقربون إلى الله سبحانه وتعالى بإراقة دمائهم في الجهاد وأناجيلهم في صدورهم أي يحفظون كتابهم لا يحضرون قتالا إلا جبريل معهم يتحنن الله عليهم كتحنن الطير على فراخه ثم قال لي يعني أباه إذا سمعت به فأخرج إليه وآمن به وصدقه فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يسمع أصحابه حديثه فأتاه يوما فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا نعمان حدثنا فابتدأ النعمان الحديث من أوله فرؤى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم ثم قال أشهد أني رسول الله أقول والنعمان هذا قتله الأسود العنسي الذي ادعى النبوة وقطعه عضوا عضوا وهو يقول إن محمدا رسول الله وإنك كذاب مفتر على الله ثم حرقه بالنار أي ولم يحترق كما وقع للخيل وقيل الذي أحرقه الأسود العنسي بالنار ولم يحترق ذؤيب بن كليب أو ابن وهب ولما بلغه صلى الله عليه وسلم ذلك قال لأصحابه فقال عمر الحمد لله الذي جعل في أمتنا مثل إبراهيم الخليل وهذا السفر يحتمل أن يكون ملخصا من التوراة وقوله إلا وجبريل معهم يدل على أن جبريل يحضر كل قتال صدر من الصحابة رضي الله تعالى عنهم للكفار بل ظاهره كل قتال صدر حتى من جميع الأمة وفي رواية بعضهم نقلا عن سفر من التوراة لا يلقون أي أمته عدوا إلا وبين أيديهم ملائكة معهم رماح وفي التوراة في صفة أمته صلى الله عليه وسلم زيادة على ما سبق يوضئون أطرافهم ويأتزرون في أوساطهم يصفون في صلاتهم كما يصفون في قتالهم وقد جاء ائتزوا كما رأيت الملائكة أي ليلة الإسراء تأتزر أي مؤتزرة عند ربها إلى أنصاف سوقها
(٣٤٩)