السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢٣٢
ثم عمدوا إليها ليهدموها على شفق وحذر أي خوف من أن يمنعهم الله تعالى ما أرادوا أي بأن يوقع بهم البلاء قبل ذلك سيما وقد شاهدوا ما وقع لعمرو بن عائذ أي قال وعند ابن إسحاق أن الناس هابوا هدمها وفرقوا منه أي خافوا من أنه يحصل لهم بسببه بلاء فقال الوليد بن المغيرة لهم أتريدون بهدمها الإصلاح أم الإساءة قالوا بل نريد الإصلاح قال فإن الله لا يهلك المصلحين قالوا من الذي يعلوها فيهدمها قال أنا أعلوها وأنا أبدؤكم في هدمها فأخذ المعول ثم قام عليها وهو يقول اللهم لم ترع أي بالراء والعين المهملتين والضمير في ترع للكعبة أي لا تفزع الكعبة لا نريد إلا الخير أي وفي رواية لم نزغ بالنون والزاي والمعجمة أي لم نحل عن دينك ثم هدم من ناحية الركنين فتربص الناس تلك الليلة وقالوا ننظر فإن أصيبب لم نهدم منها شيئا ورددناها كما كانت وإن لم يصبه شيء هدمناها فقد رضي الله ما صنعنا فأصبح الوليد من ليلته غاديا إلى عمله فهدم وهدم الناس معه حتى انتهى الهدم بهم إلى الأساس أساس إبراهيم صلى الله عليه وسلم أفضوا إلى حجارة خضر كالأسنمة أي أسنمة الإبل وفي لفظ كالأسنة قال السهيلي وهو وهم من بعض النقلة عن ابن إسحاق هذا كلامه أي وقد يقال هي كالأسنة في الخضرة وكالأسنمة في العظم يقال الأسنة زرق لأنا نقول شديد الزرقة يرى أخضر أخذ بعضها ببعض فأدخل رجل ممن كان يهدم عتلته بين حجرين منهما ليقلع بها بعضها فلما تحرك الحجر تنفضت مكة أي تحركت بأسرها وأبصر القوم برقة خرجت من تحت الحجر كادت تخطف بصر الرجل فانتهوا عن ذلك الأساس ووجدت قريش في الركن كتابا بالسريانية فلم يدر ما هو حتى قرأه لهم رجل من يهود فإذا هو أنا الله ذو بكة خلقتها يوم خلقت السماوات والأرض وصورت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حنفاء لا يزول أخشباها أي جبلاها وهما أبو قبيس وهو جبل مشرف على الصفا وقعيقعان وهو جبل مشرف على مكة وجهه إلى أبي قبيس يبارك لأهلها في الماء واللبن ووجدوا في المقام أي محله كتابا آخر مكتوب فيه مكة بلد الله الحرام يأتيها رزقها من ثلاث سبل ووجدوا كتابا آخر مكتوب فيه من يزرع خيرا يحصد غبطة أي ما يغبط أي يحسد حسدا محمودا عليه ومن يزرع شرا يحصد ندامة أي ما يندم عليه تعملون السيئات وتجزون الحسنات أجل أي نعم كما يجنى من الشوك العنب أي الثمر
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»