من محمد كما أن أحمر وأصفر أبلغ من محمر ومصفر ولعله لكونه منقولا عن أفعل التفضيل لأنه صلى الله عليه وسلم أحمد الحامدين لرب العالمين لأنه يفتح عليه في المقام المحمود بمحامد لم تفتح على أحد قبله وفي الهدى لو كان اسمه أحمد باعتبار حمده لربه لكان الأولى أن يسمى الحماد كما سميت بذلك أمته وأما هذا فهو الذي يحمده أهل السماء والأرض وأهل الدنيا والآخرة لكثرة خصاله المحمودة التي تزيد على عدد العادين وإحصاء المحصين أي أحق الناس وأولاهم بأن يحمد فهو كمحمد في المعنى فهو مأخوذ من الفعل الواقع على المفعول لا الواقع من الفاعل وحينئذ فالفرق بين محمد وأحمد أن محمدا من كثر حمد الناس له وأحمد من يكون حمد الناس له أفضل من حمد غيره وسيأتي عن الشفاء أنه أحمد المحمودين وأحمد الحامدين فيجوز أن يكون أحمد مأخوذا من الفعل الواقع على المفعول كما يجوز أن يكون مأخوذا من الفعل الواقع من الفاعل وفي كلام السهيلي ثم إنه لم يكن محمدا حتى كان قبل أحمد فبأحمد ذكر قبل أن يذكر بمحمد لأن حمده لربه كان قبل حمد الناس له وأطال في بيان ذلك وفي كلام بعض فقهائنا معاشر الشافعية أنه ليس في أحمد من التعظيم ما في محمد لأنه أشهر أسمائه الشريفة وأفضلها فلذلك لا يكفى الإتيان به في التشهد بدل محمد وقد جاء أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن قال بعضهم وعبد الله أحب من عبد الرحمن لإضافة العبد إلى الله المختص به تعالى اتفاقا والرحمن مختص به على الأصح ومن ثم سمى نبينا صلى الله عليه وسلم في القرآن بعبد الله في قوله تعالى * (وأنه لما قام عبد الله يدعوه) * وعلى ما ذكر هنا يكون بعد عبد الرحمن المذكور في القرآن في قوله تعالى * (وعباد الرحمن) * أحمد ثم محمد أي وبعدهما إبراهيم خلافا لمن جعله بعد عبد الرحمن وذكر بعضهم أن أول من تسمى بأحمد بعد نبينا صلى الله عليه وسلم ولد لجعفر بن أبي طالب وعليه يشكل ما تقدم عن الزين العراقي وقيل والد الخليل أي ولعل المراد به الخليل بن أحمد صاحب العروض ثم رأيت الزين العراقي صرح بذلك حيث قال وأول من تسمى في الإسلام أحمد والد الخليل بن أحمد العروضي ويشكل على ذلك وعلى قوله لم يسم به أحد في زمن الصحابة تسمية ولد جعفر بن أبي طالب بذلك إلا أن يقال لم يصح ذلك عند العراقي أو يقال مراد العراقي أصحابه
(١٣٢)