سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ٣
رسول الله صلى الله عليه وسلم ديارهم قريبة منا أم بعيدة يا عرفطة فقال يا سيدي في جبال وأوكار وأودية شتى قد أهلكنا منهم خلقا كثيرا وأهلكوا منا خلقا كثيرا وان لهم صنعا يسمونه المنيع وقد تعالى الله عز وجل عن أن يمثل وهو السميع البصير فصنمهم هذا قائم بخدمة الملك الهضام بن الجحاف بن عوف بن غانم الباهلي الملقب بمرآة الموت لعنه الله والصنم المنيع موكل به مارد يقال له عنريس بن دريس بن إبليس وله عشيرة عظيمة وقبيلة جسيمة ونحن في غزوهم وجهادهم وقد اشتدت بلية القوم وتعاظم امر الهضام وكفر بالله تعالى واتخذ من دون الله إلها يسمونه المنيع وجعل له جنة ونار وجعل له زبانية وسماهم الغلاظ الشداد وجعل له ملائكة وسماهم البررة الكرام وجعل في جنته الأشجار والأنهار والأطيار وجعل فيها المخدرات المنعمات وسماهم الحور العين وجعل لها عرشا وكرسيا ومن العفاريت الطيارين وسماهم الملائكة المقربين وأنت رسول الله لم يبلغك من ذلك كله وقد اشتد تمرد القوم وطغيانهم وكفرانهم لرب العالمين (قال الراوي) فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفطة اشتد به الغضب حتى كاد يضطرب كالسفينة في الريح العاصف وسجد على الأرض طويلا ثم رفع رأسه وقد سكن ما به من غيظ ولمع النور من بين عينيه صلى الله عليه وسلم حتى لحق عنان السماء ثم اقبل على عرفطة وقال له انصرف شكر الله سعيك وأحسن إليك وانا ابعث إليهم رسولا وهو خليفتي ونقمتي على أعدائي فقال عرفطة يا رسول الله إذا بعثت للقوم رجالا من الانس أبادوهم وقتلوهم فان عساكر الانس لن يطيقوا قتال الجن ومردتهم ولن يبلغك ما تريد الا الفارس الصنديد والبط الشديد قالع الحلقة والقصر المشيد ومبيد الإنس والجن في البئر العميق مفرق الكتايب ومظهر العجايب والغرايب صاحب الحسام القاضب والغمام الساكب ابن عمك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ثم غاب عرفطة أعين الناس فنظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تغير لونه وظهر غيظه واحمرت عيناه وتقوس حاجباه فعم ذلك على المسلمين وجلسوا حوله ينظرون إلى الأرض ويحدقون إلى الإمام علي كرم الله وجهه ويشيرونه عما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم والإمام علي لا يتكلم ولم يرد عليهم (قال الراوي) فبينما
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»