وقوله هنا: " وما هي من الظالمين ببعيد " أي وما هذه العقوبة ببعيدة ممن أشبههم في فعلهم.
ولهذا ذهب من ذهب من العلماء إلى أن اللائط يرجم، سواء كان محصنا أولا. ونص عليه الشافعي وأحمد بن حنبل وطائفة كثيرة من الأئمة.
واحتجوا أيضا بما رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ".
وذهب أبو حنيفة إلى أن اللائط يلقى من شاهق [جبل] (1) ويتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوط، لقوله تعالى: " وما هي الظالمين ببعيد " وجعل الله مكان تلك البلاد بحرة منتنة لا ينتفع بمائها، ولا بما حولها من الأراضي المتاخمة لفنائها، لرداءتها ودناءتها فصارت عبرة ومثلة وعظة وآية على قدرة الله تعالى وعظمته، وعزته في انتقامه ممن خالف أمره، وكذب رسله، واتبع هواه وعصى مولاه، ودليلا على رحمته بعباده المؤمنين في إنجائه إياهم من المهلكات، وإخراجه إياهم من النور إلى الظلمات، كما قال تعالى: " إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الحكيم ".
وقال الله تعالى: " فأخذتهم الصيحة مشرقين * فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل * إن في ذلك لآيات للمتوسمين * وإنها لبسبيل مقيم * إن في ذلك لآية للمؤمنين " أي من نظر بعين