قال الله تعالى: " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون؟ " وذكرنا (1) عندها في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يؤتى بالرجل فيلقى في النار فتندلق أفتاب بطنه - أي تخرج أمعاؤه من بطنه - فيدور [بها] (2) كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار فيقولون: يا فلان مالك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى. كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه ".
وهذه صفة (3) مخالفي الأنبياء من الفجار [و (2)] الأشقياء. فأما السادة من النجباء، والألباء من العلماء، الذين يخشون ربهم بالغيب، فحالهم كما قال نبي الله شعيب: " وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه، إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت " أي ما أريد في جميع أمرى إلا الاصلاح في الفعال والمقال بجهدي وطاقتي.
" وما توفيقي " أي في جميع أحوالي " إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب " أي عليه أتوكل في سائر الأمور، وإليه مرجعي ومصيري في كل أمرى. وهذا مقام ترغيب.
* * * ثم انتقل إلى نوع من الترهيب فقال: " ويا قوم لا يجر منكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد ".