واجهوا بهذا الكلام القبيح رسولهم الكريم، ولم يخافوا سطوة العظيم، ذي العذاب الأليم. ولهذا قال عليه السلام: " لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد ". ود أن لو كان له بهم قوة، أوله منعة وشعيرة ينصرونه عليهم، ليحل بهم ما يستحقونه من العذاب على هذا الخطاب.
وقد قال الزهري عن سعيد بن المسيب وأبى سلمة عن أبي هريرة مرفوعا: " نحن أحق بالشك من إبراهيم، ويرحم الله لوطا، لقد كان يأوى إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي ".
ورواه أبو الزناد (1) عن الأعرج عن أبي هريرة.
وقال محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " رحمة الله على لوط، إن كان يأوى (2) إلى ركن شديد - يعنى الله عز وجل - فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه ".
وقال تعالى: " وجاء أهل المدينة يستبشرون * قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون * واتقوا الله ولا تخزون * قالوا أو لم ننهك عن العالمين * قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين ". فأمرهم بقربان نسائهم، وحذرهم الاستمرار على طريقتهم وسيئاتهم.
هذا وهم في ذلك لا ينتهون ولا يرعوون، بل كلما نهاهم (3) يبالغون في تحصيل هؤلاء الضيفان ويحرصون، ولم يعلموا ما حم (4) به القدر مما هم إليه صائرون وصبيحة ليلتهم إليه منقلبون.