الفراسة والتوسم فيهم (1)، كيف غير الله تلك البلاد وأهلها؟ وكيف جعلها بعد ما كانت آهلة عامرة هالكة غامرة؟
كما روى الترمذي وغيره مرفوعا: " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله " ثم قرأ: " إن في ذلك لآيات للمتوسمين ".
وقوله: " وإنها لبسبيل مقيم " أي لبطريق مهيع مسلوك إلى الآن.
كما قال: " وإنكم لتمرون عليهم مصبحين * وبالليل أفلا تعقلون ".
وقال تعالى: " ولقد تركناها آية بينة لقوم يعقلون " وقال تعالى:
" فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين * وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم ".
أي تركناها عبرة وعظة لمن خاف عذاب الآخرة، وخشي الرحمن بالغيب، وخاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، فأنزجر عن محارم الله وترك معاصيه، وخاف أن يشابه قوم لوط. ومن تشبه بقوم فهو منهم، وإن لم يكن من كل وجه فمن بعض الوجوه; كما قال بعضهم:
فإن لم تكونوا قوم لوط بعينهم * فما قوم لوط منكم ببعيد فالعاقل اللبيب الفاهم الخائف من ربه، يمتثل ما أمره الله به عز وجل، ويقبل ما أرشده إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من إتيان ما خلق له من الزوجات الحلال، والجواري من السراري ذوات الجمال، وإياه أن يتبع كل شيطان مريد، فيحق عليه الوعيد، ويدخل في قوله تعالى: " وما هي من الظالمين ببعيد ".