معارج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول (ع) - الزرندي الشافعي - الصفحة ٧٤
عندنا إلا ما أرغم أنفه).
فهذه أشد كلمة فحش سمعتها منه قط (1).
ومما يؤثر من حلمه (رضي الله عنه):
روي أنه كان جالسا يوما على باب داره، فأتاه رجل وجعل يشتمه، وهو يسمع ولا يلتفت إليه، إذ جاءه فارس فسلم عليه وقبل يده، ووضع بين يديه كيسا فيه أربعة آلاف درهم.
وقال له: يا بن رسول الله لم يحضرني غير هذا، ولو كنت أقدر (2) على روحي ما أمسكتها عنك.
فأخذه الحسن (رضي الله عنه)، ودفعه إلى الرجل وقال له: (يا هذا اقض بهذا حاجتك، واعذرنا لوقوفك (3) علينا فإنه قليل، ولو كان أكثر من ذلك ما منعته عنك).
فزعق الرجل زعقة وخر مغشيا عليه.
فلما أفاق قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أتيتك، وهجوتك، وشتمتك، وتجود علي بأربعة آلاف!
ما أنت إلا معدن النبوة ومنبع الحلم.
وشتمه رجل آخر، فلما فرغ قال له: (إني لا أمحو عنك شيئا، ولكن [موعدي و] موعدك الله تعالى، فان كنت صادقا فجزاك الله بصدقك، وإن كنت كاذبا فالله تعالى أشد نقمة) (4).

(١) ترجمة الحسن بن علي من الطبقات الكبرى ٥٩: ٨٠، ترجمة الحسن بن علي من تاريخ دمشق ١٥٧: ٢٦٨، أنساب الأشراف ٣: ٢٧٤، تاريخ اليعقوبي ٢: ٢٢٧، البداية والنهاية ٨:
٣٩
، تاريخ الخفاء: ١٩٠، تهذيب الكمال ٦: ٢٣٥، ينابيع المودة 2: 424 / 170.
(2) في نسخة (س): قدرت.
(3) في نسخة (س): بوقوفك.
(4) أخرجها ابن سعد عن عمير بن إسحاق قال: كان مروان أميرا علينا، فكان يسب عليا كل جمعة على المنبر، وحسن يسمع فلا يرد شيئا، ثم أرسل إليه يقول له: بعلي وبعلي وبعلي، وبك وبك، وما وجدت مثلك إلا مثل البغلة، يقال لها: من أبوك؟ فتقول: أمي الفرس.
فقال له الحسن: (إرجع إليه فقل له: إني والله لا أمحو عنك شيئا مما قلت بأن أسبك، ولكن موعدي وموعدك الله، فإن كنت صادقا جزاك الله بصدقك، وإن كنت كاذبا فالله أشد نقمة).
انظر: ترجمة الحسين بن علي من الطبقات الكبرى 33: 227، تاريخ الخلفاء: 190، الصواعق المحرقة: 139، ينابيع المودة 2: 425 / 171.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»