الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٨٠٢
وأخرج إلي ستين علويا وقال: إياك أن يأتي الصباح إلا وقد بنيت عليهم وواريتهم. قال: فبنيت على تسعة وخمسين رجلا وأنا على وجل من ذلك، وبقي غلام لا نبات بعارضيه... (1) له فتأملت وانسللت فخرجت فالتقاني... (2) السلطان وأخذوني ولا يشعر بي ولا إلى ما صار أمري فلذلك أبكي كيف خالفت أمرها وأزعجت قلبها، وأنا أسأل الله تعالى أن لا يؤاخذني بذلك وأن يحسن الخلافة ويربط على قلبها بالصبر ويعظم لها الثواب والأجر.
فقلت: فهل لها من الولد غيرك؟
قال: لا والله إنها لم تملك سواي. فلم أملك من نفسي شيئا، وقلت: ويلك يا نفس ماذا طلبت حطام الدنيا بعذاب الآخرة الأبدي (3)، والله لأصنعن به معروفا لوجه الله تعالى. ثم إني أتيت إلى ولدي فقصصت عليه القصة فقلت: يا بني هل لك في نعيم لا يفنى؟ قال: وما هو؟ قلت: أقعدك مكانه وأبني عليك ما لا يضرك، وإذا جاء الليل أتيتك وأخرجتك وتصنع مع هذا الغلام معروفا. فقال: يا أبتي إفعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين. قال: فأخذت الغلام فقطعت ذؤابتيه وأتيت به إلى قدر هناك ألطخه بالسواد إلى أن عاد أسود، ثم ألبسته ثيابا خلقة كهيئة غلمان البناء بعد ما أخذت عليه المواثيق أن لا يشعر بذلك أحدا، وبنيت على ولدي وانفجر الصبح وقد بنينا على الجميع وانصرفنا من العمل، وأخذت الغلام معي وقلت: تقعد عندي إلى الليل وإذا كان الليل أخرجتك فامض حيث شئت فتكتمه لي. فلما كان الليل وأنا مفكر في أمري خائف مما صنعت من الخليفة إن علم بي ومن زوجتي إن علمت بالبناء على ولدها، فأغمي علي، فلم أشعر إلا بالجارية تنبهني وقالت: إن الباب يطرق. فأوجست في نفسي خيفة فوق ما بي وقلت هو الهلاك لا محالة إن كان قد علم بي، ثم قلت للجارية: قولي من هذا؟
فقالت الجارية: من بالباب؟ فقالت: أنا فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قولي لمولاك

(1) بياض في نسخة الأصل بمقدار أربعة أسطر.
(2) بياض في نسخة الأصل بمقدار كلمة.
(3) في نسخة الأصل: الأبد.
(٨٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 797 798 799 800 801 802 803 804 805 806 807 ... » »»