أفرقه وما تخلف علي أكثر مما فعلت، والحمد لله رب العالمين.
وكتب في رمضان سنة ست وتسعين وستمائة، حدثني العدل عز الدين عمر بن أحمد بن محمد الميدلي، قال: حدثني نظام الدين إمام الروضة على مشرفها أفضل الصلاة والسلام أن والده القرطبي حمل على يده من بلاد المغرب اثنا عشر ألف يوسفية ليفرقها على علويي (1) الحرمين، فلما رأى السادة علويي (2) المدينة على غير قاعدة الزهاد وزيهم ينافي زي أمثالهم امتنع أن يفرق فيهم شيئا من المال، وأخذ يفرقه على أولاد المهاجرين والأنصار والمجاورين ولا يعطي العلويين شيئا من ذلك، فرأى في منامه تلك الليلة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) بنت محمد عليه الصلاة والسلام فسلم عليها فأعرضت عنه، فقال لها: مولاتي ما ذنبي حتى تعرضين؟ فقالت له بوجه غضب: بيدك شئ من السحت بخلت به على أولادي. فقال لها: يا سيدتي ما ترين حالهم وما هم عليه من هذا الذي المخالف للكتاب والسنة؟ فقالت له (عليها السلام): أنفك منك ولو كان أجدع. فأصبح يستغفر الله عز وجل ويمضي إلى أبوابهم يفرق عليهم المال ويعتذر إليهم.
قال سعيد بن خيثم من هذا الموضع المذكور حديث ذكر الشيعة وصفاتهم، عن سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن مجاهد قال: شيعة علي الحلماء، العلماء، الذبل الشفاه، الأخيار، الذين يعرفون بالرهبانية من العبادة.
وقال أبو جعفر (عليه السلام): حدثني أبي، عن جدي، أن عليا (عليه السلام) قال: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما آخذ عليهم؟ قال: تأخذ عليهم أن يبايعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن يطاع الله فلا يعصى، وعلى أن يمنعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذريته ما يمنعون منه أنفسهم وذراريهم (3).