الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٧٤٣
وأخوه جعفر، فخففنا له، وقبلت وجه الحسن وأجلسته على مضربة كانت تحتي، وجلس جعفر قريبا منه، وكان المتولي لحبسه صالح بن وصيف، وكان معنا في الحبس رجل جمحي يقول أنه علوي، فالتفت أبو محمد (عليه السلام) وقال: لولا أن فيكم من ليس منكم لأعلمتكم متى يفرج الله عنكم. وأومأ إلى الجمحي، فخرج فقال أبو محمد: هذا الرجل ليس منكم فاحذروه وأن في ثيابه قصة قد كتبها إلى السلطان يخبره بما تقولون فيه. فقام بعضهم ففتش ثيابه، فوجد فيها القصة قد ذكرنا فيها بكل عظيمة ويعلمه أننا نريد ننقب ونهرب (1).
وقال أبو هاشم: كان أبو محمد (عليه السلام) يصوم، فإذا أفطر أكلنا معه ما كان يحمله إليه غلامه في خونة مختومة، وكنت أصوم معه، فلما كان بعض الأيام ضعفت فأفطرت في بيت آخر على كعكة وما شعر بي أحد، ثم جئت فجلست معه، فقال لغلامه: أطعم أبا هاشم شيئا فإنه مفطر، فتبسمت، فقال: ما يضحكك يا با هاشم، إذا أردت القوة فكل اللحم فإن الكعك لا قوة فيه. فقلت: صدق الله ورسوله وأنتم عليكم السلام، فأكلت. فقال: أفطر ثلاثا فإن المنة لا ترجع إذا نهكه الصوم في أقل من ثلاث.
فلما كان في اليوم الذي أراد الله أن يفرج عنا جاءه الغلام فقال: يا سيدي احمل. فقال: أحمل وما أحسبنا نأكل منه. فحمل الطعام الظهر وأطلق عنه عند العصر وهو صائم، فقال: كلوا هداكم الله (2).
وقال يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن سيار، قالا: حضرنا ليلة على عرفة لأبي محمد الحسن بن علي الزكي، وقد كان الوالي في ذلك الوقت معظما له، إذ جاء إلى البلد ومعه رجل مكتوف فقال: يا بن رسول الله أخذت هذا على باب حانوت صيرفي فلما هممت بضربه قال: إني من شيعة علي وشيعتك فكففت عنه، فهل هو كذلك؟ فقال (عليه السلام): معاذ الله ما هذا من شيعة علي؟ فنحاه وقال: ابطحوه، فبطحوه فأقام عليه جلادين وقال: أوجعاه، فأهويا بعصيهما، فكان لا يصيبانه

(٧٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 738 739 740 741 742 743 744 745 746 747 748 ... » »»